![](https://akhbarkum-akhbarna.com/wp-content/uploads/2023/08/cc9fd8bf-5bbc-4966-baf5-8d2908a7d67c-800x500.jpg)
كتب ابراهيم بيرم: يقول مقربون من دوائر القرار في (ا ل ح ز ب)، انهم وجدوا (ا ل ح ز ب) وللمرة الاولى منذ ان قرر فتح ابواب المواجهات على الحدود مع الكيان المحتل، قد غادر مرحلة القلق والارتباك والتوتر التي عاشها في الأسابيع الاولى بعد انطلاق المواجهات الحدودية.
ومنطلق هذا الشعور بالارتياح لدى (ا ل ح ز ب)، هو انه يعتبر بأنه نجح اخيراً في استيعاب هجمتين شرستين استهدفتاه طوال المئة يوم، وهما:
الاولى، الهجمة الديبلوماسية – السياسية الاميركية والغربية عموماً.
الثانية، الهجمة الميدانية على الحدود، وهي هجمة مزدوجة عسكرية وامنية شرسة وضارية.
من المعلوم، ان واشنطن ومنذ الايام الاولى لاندلاع المواجهات، مارست ضغوطاً ديبلوماسية قوية على (ا ل ح ز ب) من جهة وعلى الدولة اللبنانية من جهة اخرى، عنوانها الأول وقف النار، والثاني حذرت فيه قائلة: “إعملوا على عدم توسيع نطاق المواجهات لكي لا تصير حرباً بلا ضوابط ولا قواعد”.
لم يعد خافياً ان الادارة الاميركية وعلى لسان اكثر من مسؤول فيها، مارست سياسة العصا والجزرة في آن، اذ هددت صراحة بأنه اذا بقي الوضع على ما هو عليه من توتر على الحدود، فان ثمّة خطراً بأن يواجه لبنان حرباً مدمرة مثالها الحيّ الحرب على غزة وقطاعه، وان اسرائيل قاب قوسين من شنّ الحرب، لكن ما يلجم اندفاعتها هو الضغط الاميركي ليس إلا.
ولاحقاً، أخذ الخطاب الاميركي نحو لبنان منحى آخر، اذ تركز على الدعوة الى حصر المواجهات على اضيق نطاق تلافياً للاسوأ. وفي مرحلة تالية عادت الديبلوماسية الاميركية لتحيي فكرة “التوسط” لحل على الحدود ينزع كل ذريعة لدى (ا ل ح ز ب) لكي يمضي قدماً في الصراع العسكري مع اسرائيل. ومبتدا الحل الذي تراه واشنطن هو اخذ المطالب اللبنانية بالاعتبار، في مقابل ان يوقف (ا ل ح ز ب) اطلاق النار، ويفك ارتباطه بمعارك غزة.
وما اقلق (ا ل ح ز ب) حينها ان هذا الضغط الاميركي وجداه صداه في الداخل اللبناني، اذ ما لبثت ان علت اصوات رسميين (ميقاتي وبري ووزير الخارجية بوحبيب) كاشفة عن استعداد لبناني لملاقاة الدعوات الى انهاء التوتر الحدودي، واعادة الاعتبار للقرار الاممي 1701 عبر المفاوضات، في مقابل وقف اي عدوان محتمل على لبنان.
لكن ما حصل ابان الزيارة الاخيرة للموفد الاميركي الخاص الى بيروت آموس هوكشتاين، ان برزت تطورات مختلفة اوحت وكأن لبنان الرسمي يتبنى خطاب (ا ل ح ز ب) ورؤيته لوقف العنف على الحدود. اذ اعلن الرئيس ميقاتي انه ابلغ الى هوكشتاين انه لا يمكن الحديث عن تهدئة في الجنوب قبل ان توقف تل ابيب عدوانها على غزة.
فنزل هذا الكلام الذي تبناه بري وبو حبيب لاحقاً برداً وسلاماً على قلب (ا ل ح ز ب)، إذ رأى فيه انه بمثابة ستار يسدله لبنان الرسمي على فعل (ا ل ح ز ب) الميداني من جهة، وبمثابة قطع للطريق امام الاصوات الداخلية التي نددت بزج لبنان في صراع لا علاقة له به، وطالبت باعادة العمل بالقرار الدولي 1701 بما يعنيه من إبعاد لقوات (ا ل ح ز ب) الى جنوب الليطاني .
وعلى الجانب العسكري، فان (ا ل ح ز ب) فوجىء باشتعال فتيل المواجهات في غزة، ولم يكن امامه الا مهمة البدء بعجالة بحرب المساندة والدعم على الحدود الجنوبية إنفاذاً لمبدأ تشابك الساحات. وليس خافياً ان هذا التعجّل قد افقد (ا ل ح ز ب) عنصر المفاجأة من جهة وجعله يخسر عدداً من مقاتليه اكبر من المرتقب. وخلال الايام القليلة الماضية تكوّن عند (ا ل ح ز ب) شعور بأنه نجح ولو بكثير من الجهد في استيعاب مفاعيل الهجمة العسكرية وامتصاص تداعياتها الى حد بعيد.
ولقد كان معلوماً ان (ا ل ح ز ب) تلقى ضربتين كبيرتين، عندما نجحت اسرائيل في اغتيال القيادي التاريخي في حركة “حماس” الشيخ صالح العاروري ابان وجوده في معقل (ا ل ح ز ب) في الضاحية الجنوبية، وعندما قتلت القيادي الميداني البارز في (ا ل ح ز ب) بسام الطويل (الحاج جواد) خلال وجوده في قريته خربة سلم. وبذلك كانت الخسارة مزدوجة، امنية وعسكرية، اذ ثبت ان المخابرات الاسرائيلية من خلال تلك الضربتين قد اخترقتا المدى الحيوي لـ (ا ل ح ز ب) وتسللت الى حصنه الحصين.
وفي الايام القليلة الماضية، حرص (ا ل ح ز ب) على اشاعة انباء ومعلومات، تفيد انه نجح في الرد على هاتين الضربتين من خلال قصفه الصاروخي لموقع ميرون التجسسي – الترصدي المتطور، ومن خلال ضربه لثكنة دادو قرب صفد والتي هي بمثابة مركز القيادة الشمالية في اسرائيل.
ولعل ما رفع من منسوب الارتياح عند قيادة (ا ل ح ز ب)، أن الاعلام الاسرائيلي هو الذي يتولى الحديث عن مخاطر هذين الردّين. فضلاً عن ان القيادة الاسرائيلية هي اكثر من يسرّب التداعيات الخطيرة للأداء العسكري لـ (ا ل ح ز ب) على طول الجبهة الحدودية بين لبنان واسرائيل وخصوصاً لجهة دفع ما لايقل عن مئتي الف من سكان مستوطنات الشمال الى النزوح منها هرباً من الخطر الذي يشكله قصف (ا ل ح ز ب) اليومي للمنطقة، اضافة الى مجاهرتهم برفض العودة الى اماكن سكنهم الاصلية ما دامت “قوات الرضوان” النخبوية تتمركز تحت نوافذهم..
وعلى الرغم من كل هذه التطورات والتحولات التي يراها (ا ل ح ز ب) انها لصالحه، فانه لا يزال عند امرين:
الاول، عند كلمة سيّده السيد نصرالله التي اطلقها بعد نحو ثلاثة اسابيع من بدء المواجهات، وفحواها ان الكلمة الفصل هي للميدان وحده.
والثاني، ان امد المواجهات في غزة وعلى الحدود اطول مما يعتقد البعض لأن القرار عند محور المقاومة هو ممنوع أن تهزم “حماس”، وممنوع على اسرائيل ان تحصل على صورة نصر تسعى اليه هي والادارة الاميركية لوقف العدوان.