![](https://akhbarkum-akhbarna.com/wp-content/uploads/2024/02/WhatsApp-Image-2024-02-28-at-08.38.53-original.jpeg)
أخباركم – أخبارنا
خاص
كتب باسل عيد: إسطنبول، مدينة القطط والكلاب (كما هو متعارف عليه)، تعج شوارعها وازقتها وساحاتها وحتى مساجدها (القطط)، وكل ركن فيها بمئات الآلاف من تلك الحيوانات التي تآلفت مع البشر، فتراها تتجول بينهم سالمة مطمئنة، تدخل مطاعمهم فتكرم وتنام في داخل المتاجر من دون أن تطرد، في مقابل اعتناء قل نظيره من قبل الشعب بتلك المخلوقات اللطيفة.
أمر الاعتناء بقطط وكلاب إسطنبول لا يقتصر على شعبها، بل اليد الفضلى في الأمر تعود الى بلدية المدينة، التي تؤمن الملجأ والمأكل والمشرب لتلك الحيوانات، التي تسير جنبا الى جنب المارة من دون أي خوف متبادل وبلا أي شعور بالرهبة. إلا أن أهم ما تقدمه البلدية لتلك المخلوقات فهي الرعاية الطبية والمتابعة الصحية، أولا لدرء مخاطر المرض عنهم، ولضمان سلامة صحة المواطنين وإبعادهم عن الاذى الذي يمكن أن يلحق بهم جراء تعرضهم لهجوم او عضة من كلب مسعور، وهو أمر محتمل، مع ما يعنيه الأمر من إصابة المعتدى عليه بداء السعار أو ما يعرف بداء الكلب. ولذلك تسعى بلدية اسطنبول بشكل دوري الى تلقيح تلك الحيوانات وخصيها أو تعقيمها، ودمغ أذنها بعلامة معينة كدليل على تلقي هذا الحيوان اللقاح اللازم، زيادة في الحيطة والاطمئنان لكل آدمي يمر بجانبه.
بالانتقال الى لبنان، الحيوان في هذا البلد معذب تماما كما بشره. وبما أن الدولة بكل قطاعاتها لا ترعى مواطنيها تاركة إياهم لقدرهم القاتم، فما بالك بسائر المخلوقات؟ عشرات آلاف الكلاب والقطط تهيم على وجوهها في شوارع المدن والبلدات والقرى اللبنانية بلا أدنى رعاية، لا من البلديات ولا من وزارة الزراعة، الى ان وقع المحظور منذ يومين عندما هاجم كلب شارد طفلا في الرشيدية في صور فأرداه قتيلا.
ففي لبنان كما عادتنا دائما، نهمل المشكلة حتى تتحول الى مصيبة، وقطعان الكلاب الشاردة باتت منتشرة في كل المناطق وتقوم في كثير من الاحيان بمهاجمة الناس، فيما الحل المستغرب الذي تقترحه بعض البلديات يكمن إما في قتل تلك الكلاب أو تسميمها.
أكثر من 70 ألف كلب شارد نتج عن الأزمة الاقتصادية التي يعيشها البلد، عندما تخلى الكثير من الناس بسبب أوضاعهم المادية عن مسؤولياتهم ورموا كلابهم في الشوارع، فتكاثرت مع تلك الموجودة فيها من قبل. وبسبب جوع تلك الحيوانات، باتت تهاجم البشر وتؤذيهم، بالاضافة الى خطر نشر الأمراض وعلى رأسها داء السعار، فيما الدولة أهملت واجباتها، فلم تقم بخصي الذكور ولا بتعقيم الإناث ولم تؤمن اللقاحات ولم تقم الملاجىء لتلك المخلوقات.
وبعد وقوع المصيبة في الرشيدية، تحركت وزارة الزراعة التي دعت لاجتماع يضم وزارات الداخلية والصحة والبيئة وممثلي البلديات لمعالجة المشكلة، مؤكدة على ان مواجهة هذه الازمة لا تكون لا بتسميم ولا بقتل تلك الارواح، بل بطرق علمية تعتمد على تقديمات الهيئات المانحة العاملة في القطاع الحيواني.
ماذا قالت رئيسة ملجأ “كارما” عن ظاهرة الكلاب الشاردة؟
وفي هذا الاطار حملت زينب رزوق، رئيسة جمعية “كارما” لحماية الحيوانات الشاردة في طرابلس في حديث خاص لموقعنا، الدولة والبلديات المسؤولية الاولى في عدم ايجاد الحلول لموضوع الكلاب الشاردة، مشيرة الى ان البلديات تمثل السلطة المحلية على الارض وهي تتقاعس بشكل كبير عن أداء واجباتها في هذا الخصوص. فعلى سبيل المثال، وفقا لرزوق، لم تبد بلدية طرابلس اي اهتمام عندما تقدمت هي شخصيا بمشروعها لخصي الكلاب الشاردة في شوارع المدينة وذلك منعا لتكاثرها، والبلدية لم تستجب لطلبها، مستغربة كيف أن البلديات تجبر الجمعيات التي تعنى بأمور الحيوانات لأن تأخذ دور البلدية بدلا من ان تضطلع الأخيرة بمسؤولياتها، ووصفت الوضع بالمذري.
وعن الدور الذي تقوم به “كارما” في موضوع حماية الحيوانات الشاردة، اشارت رزوق الى الملجأ الذي أنشاته الجمعية في الميناء يضم معظم الكلاب والقطط الشاردة في تلك المدينة ضمن خطة شاملة، في وقت تتزايد فيه أعداد تلك الكلاب في شوارع طرابلس لاسيما إثر الضائقة الاقتصادية التي يمر بها لبنان، ما يضطر عدد من اصحاب تلك الحيوانات الى رميها في الشارع نظرا لعدم قدرتهم على تلبية احتياجاتها.
واوضحت رزوق بأن مساحة الارض التي أقيم عليها الملجأ تبلغ 8 آلاف متر مربع استغلت الجمعية منها حوالى 4 آلاف متر، وهي تضم 237 كلبا و35 قطة، من ضمنها حالات إعاقة، وجميعها مخصية ومعقمة وملقحة.
واضافت بأن اعداد الكلاب في المدينة “هائلة”، معظمها تعيش في الاحراج والبساتين، وان طرابلس بحاجة الى 3 ملاجىء بدلا من ملجأ واحد.
أما بالنسبة لتمويل الملجأ، اشارت الى انه تمويل شخصي، بالاضافة الى بعض المساعدات من قبل اهل طرابلس والميناء وليس من جهات سياسية، كاشفة ان الملجأ بحاجة الى مبلغ 1500 دولار شهريا لتغطية مصاريفه.
وأثنت على تفاني فريق العمل في الملجأ وعلى حماسته، والذي يتألف من 27 فردا من الموظفين وطلاب الجامعات الذين قد يفضلون تعطيل يوم عملهم او دراستهم في حال ورود حالة طارئة تخص كلبا او قطة.
وأسفت رزوق لحادثة وفاة الطفل نتيجة هجوم كلب شارد في الرشيدية في صور، وكررت تحميل مسؤولية ما حصل الى تقاعس البلديات في ايجاد حل لتلك المشكلة.