الثلاثاء, يناير 14, 2025
12.4 C
Beirut

بادر – ماينهوف.. ولدت من رحم الإضطرابات الإجتماعية الرافضة لألمانيا الرأسمالية..مارست العنف الثوري وحلّت نفسها دون أن تعتذر عن تاريخها معلنة إعتزازها به!

نشرت في

كتب مسعود محمد لأخباركم – أخبارنا: 20 ابريل عام 1998، قررت جماعة “فصيل الجيش الأحمر” الألمانية بعد 28 عاماً من النضال المسلح الذي انطلق عام 1970، حلّ منظمة الجيش الاحمر الالمانية.
وقد ورد في بيانها، ان قرار المنظمة بحلّ نفسها، لا يتضمن اية ادانة للنضال المسلح الذي خاضته، بل ان المنظمة واعضاءها كانوا فخورين بهذا النضال الذي خاضوه على مدى 29 عاماً الماضية، لكنهم قرروا حل التنظيم نظراً الى فشلهم في تعبئة اليسار الالماني.
وجاء في بيانهم “لقد كان النضال المسلح الذي خضنا غماره الى جانب النضالات المسلحة الجارية في بقاع عديدة من العالم شيء جميل ورائع. اننا اقلية في المجتمع الالماني، تصبو للاشتراكية، في حين ان غالبية افراد هذا المجتمع تريد الاستمرار في النظام الرأسمالي…”.

ولادة من رحم الاضطرابات السياسية

أصل المجموعة يعود لحركة الاحتجاج في المانيا الغربية، حيث شهدت الدول الصناعية في أواخر الستينات من القرن الماضي اضطرابات اجتماعية متصلة ارتبطت بأشخاص ولدوا بعد الحرب العالمية الثانية، “الحرب الباردة”، ونهاية الاستعمار. وقد رغبوا في تحرير المرأة ومناهضة الإمبريالية، والبحث في هوية الشباب وقضايا مثل العنصرية، وكانت في طليعة اهتماماتها الفكر اليساري سياسياً والعمل على بلورته.
في المانيا الغربية، عام 1966 بدأ ظهور التحالف الكبير الأول بين الحزبين الرئيسيين، الحزب الديمقراطي الاشتراكي وحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي تحت قيادة المستشار جيورج كيسنجر. مع 95 في المئة من البوندستاغ (البرلمان) الذي تسيطر عليه قوات التحالف، تم اخذ القرار من قبل القوى السياسية المعارضة بتنظيم المعارضة خارج البرلمان، بقصد توليد الاحتجاج والنشاط السياسي ومعارضة الحكومة.
ظهر إثر الحركة الاحتجاجية المعارضة، نفور لذى الكثيرين من الشباب، فولّد النفور من الإرث التاريخي للنازية ثغرة بين الأجيال عمل على تزايد الشك وزيادة الاستبداد في المجتمع.
من الصعب ان تجد مجتمعاً غربياً خاض عديد من التغيرات العميقة في بنيته التحتية أكثر مما وقع للمجتمع الألماني. ففي خلال المئة عام السابقة، إنتقل مرات عدة من حكم قيصري إمبراطوري يؤمّن صاحبه بأنه صاحب حق إلهي إلى حال من الفوضى وشبه الحرب الأهلية إلى فترة دوار يطلق عليها الألمان فترة جمهورية ڤايمار نسبة إلى المدينة التي إنعقد فيها المؤتمر الذي وضع الوثيقة الدستورية عام 1919، ثم مر بحكم فاشي يسير علي النقيض تماماً من فكرة الديموقراطية، كما خاض حرباً قاسية مدمرة نتجت منها قسمة البلاد إلى جزءين متعارضين في كل شيء تقريباً. وفي النهاية إنتصرت الفكرة الليبرالية الديموقراطية على الشيوعية، ونجحت في توحيد المانيا قانونياً ودستورياً من جديد. وقد وقعت هذه التغيّرات في خلال أقل من 100 عام فقط، بل خلال 70 عاماً لا أكثر!
وفي خضم تلك التغيرات كان لا بد للدولة التي أنشئت من جديد على أنقاض المانيا النازية، الإستناد إلى مستودع الخبرة الموجود من الموظفين وأصحاب الكفاءات ممن خدموا في زمن حكم الفاشية، وعن ذلك صرح المستشار كونراد آدناور أن “المرء لا يلقي ما لديه من ماء قذر قبل أن يكون قد حصل على ماء نظيف.”!
وكانت أيضاً من نتائج هذه السياسة أن مجموعات من الشباب الذين ولدوا في اكثريتهم في بداية الأربعينات، أي أنهم ممن دخلوا المدرسة الإبتدائية بعد نهاية الحرب، فقامت مجموعة الشباب هذه بالثورة الفكرية على نظام وطريقة الجيل القديم في الحياة والتشريع والتنظيم، وكانت بداية ذلك في منتصف ونهاية الستينات من القرن الماضي.
وقد كانوا في بدايتهم مدفوعين بالحماس الشبابي المعتاد، ولكن مع مرور الوقت صعدوا ودخلوا منطقة إختراق قواعد القانون، مما أدى الى استعداء الدولة والمجتمع ضدهم، فأصبحوا يعاملون كالمطاريد. فتلقي قوات الأمن القبض عليهم لاشتراكهم في جرائم سرقة بنوك لكي يقوموا بتمويل “الثورة العادلة”. وكانت هذه هي بدايات نشأة جماعة بادر – ماينهوف، وظهور حركة الألوية الحمراء في إيطاليا.

كيف تم اختيار إسم المجموعة؟

التسمية كانت جماعة الجيش الأحمر RAF بالألمانية: Rote Armee Fraktion أو الجيش الأحمر الألماني في المانيا التي كانت في مراحلها الأولى كانت تعرف عموماً باسم مجموعة Baader-Meinhof بادر – ماينهوف، إحدى أبرز وأنشط الجماعات اليسارية المسلحة في المانيا الغربية ما بعد الحرب العالمية الثانية.
تصف المجموعة نفسها بأنها جماعة “مسلحة مدنية” شيوعية تشارك في مقاومة مسلحة، في حين أن حكومة ألمانية الغربية إعتبرتها جماعة إرهابية.
سياسياً كانت المجموعة تمارس نشاطها إيماناً منها بأن الطبقة الحاكمة لدولة المانيا الغربية في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ليست سوى امتداد للنظام النازي الذي يفترض أنه انهار بعد الهزيمة النكراء التي مني بها في 1945، خاصة بعد تسلم مناصب رسمية من قبل نازيين سابقين أمثال كورت جورج كايزنغر الذي عيّن مستشاراً في 1966، حسب مقاليد الحكم في المانيا.
شكلت رؤية “عصابة بادر- ماينهوف”، نظرة مختلفة لما كان يجري، فعارض شباب ما بعد الحرب، الرأسمالية والإمبريالية والعنصرية والوجود العسكري الأميركي في المانيا الغربية.
امتلكت المجموعة رغبة في تبديل الأعراف القديمة بقضايا الشباب الجديدة، واعتقدت بأن الوسائط الإعلامية تخضع لسيطرة المحافظين والقوات العسكرية بقيادة الولايات المتحدة، خصوصاً الصحف الشعبية التي يديرها ويمتلكها قطب الإعلام أكسيل سبرينغر Axel Springer، المسؤول عن نشر الصحيفة اليومية المحافظة “بيلد Bild” التي شكلت هدفاً مميزاً صبّوا عليه جام غضبهم.
في ستينات القرن الـ 20، عانت معظم الدول الديمقراطية الصناعية الأمرين من جراء التحديات التي تسببت بها الحركات الطلابية الراديكالية. وشملت تلك التحديات التي طاولت نقاط ساخنة مختلفة ومتنوعة، موجة من الاحتجاجات الحاشدة وأعمال الشغب والإضرابات العامة من بينها حوادث فرنسا 1968، واحتجاجات الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، وحركة المعارضة المناهضة لحرب فيتنام في أنحاء العالم الغربي.
واستلهمت عصابة “بادر- ماينهوف” تلك الانتفاضات، إذ انها أسست نفسها على قاعدة ان تكون جزءاً من حركة عالمية أوسع نطاقاً تمتد من التأثير الشيوعي لماو تسي تونغ في الصين، وثورة كوبا 1959، والتمرد المديد ضد الاحتلال البرتغالي في موزامبيق، و”منظمة التحرير الفلسطينية” التي تأسست عام 1964، وتكتيكات حرب العصابات لـ “تشي غيفارا”.

كيف بدأت الفكرة؟

قبل نصف قرن، أقدمت صحافية من أولدنبرغ في ولاية “ساسكونيا” تدعى أولريكه ماينهوف (35 عاماً آنذاك)، على كتابة بيان حددت فيه أيديولوجية المجموعة التي أسهمت في تأسيسها وأهدافها السياسية.
وفي البيان طالبت ماينهوف بثورة يسارية للإطاحة بدولة المانيا الغربية الرأسمالية، ودعت إلى ممارسة العنف الثوري لتحقيق تلك الغاية.
وعلى غلاف البيان الذي حمل عنوان “مفهوم حرب العصابات في المدن” The Concept of the Urban Guerilla، ظهر رسم يبرز فيه نجمة حمراء اللون، ويتوسطه مدفع رشاش من طراز “هيكلر أند كوخ أم بي 5 Heckler and Koch MP5. وقد تبنت المجموعة ذلك الرسم شعاراً لها بعد أن تكفل أحد أعضائها بتصميمه ويدعى أندرياس بادر (36 عاماً)، وهو من ميونيخ، وعُرفت المجموعة آنذاك بـ “جماعة الجيش الأحمر” أو “عصابة بادر-ماينهوف ” Baader-Meinhof Gang، وفق ما بات شائعاً في العالم الناطق بالإنكليزية. وتحت رايتها نفذت اغتيالات بحق 30 شخصاً، وشنت حملة واسعة من عمليات التفجير والخطف والسطو المسلح.
ونادراً ما عمدت المجموعة إلى تسمية نفسها باسم “بادر-ماينهوف”، مفضلة المسمى الألماني “روته أرمي فراكتسيون” أو “جماعة الجيش الأحمر”، واختصاراً “آر إيه أف” RAF، إذ شكلت المجموعة بالفعل “فراكتسيون” بمعنى إنها لم تحزْ وفق التزامها بالماركسية – اللينينية، بقيادات محلية فقط، بل اعتبرت نفسها جزءاً من حركة ثورية عالمية النطاق، الا انها وجدت أن الاسم الألماني المختصر “RAF” سيحيّر الجماهير المتحدثة باللغة الإنكليزية، ويدفعها إلى الالتباس بين كلمتي “جزء” Fraction و”فصيل ” Faction، فاتخذت قراراً باعتماد تسمية “عصابة بادر- ماينهوف” Baader-Meinhof Gang.

تأسيس الجيش الأحمر

أسس الجيش الأحمر رسمياً في عام 1970: أندرياس بادر، غودرون إنسلين، هورست مالر، أولريكي ماري ماينهوف، إرمغارت مولر وغيرهم.
نشط فصيل الجيش الأحمر منذ السبعينات حتى عام 1993، منفذاً العديد من العمليات لا سيما في خريف عام 1977، الأمر الذي أدى إلى أزمة وطنية في المانيا عُرفت باسم “الخريف الألماني”. وتسببت تلك العمليات بقتل 34 شخصاً وهاجم الفصيل بعملياته العديد من الاهداف الثانوية، مثل الحراس الشخصيين والسائقين، وسقط بموجبها العديد من الجرحى في ما يقرب من 30 عاماً من وجودها.
قامت هذه المجموعة باستهداف رموز المجتمع “الرأسمالي الفاشي المتعفن”، كما كانوا يطلقون عليه، فكان من بين ضحاياهم المحامي العام الفدرالي لمحكمة النقض في المانيا سيفريد بوباك الذي قتل في ربيع عام 1977 ورئيس درسدنر بنك يوركن پونتو الذي قتل في صيف ذلك العام ورئيس رابطة أصحاب الأعمال في المانيا هانز مارتن شلاير الذي قتل في خريف العام نفسه.

عملية هانز مارتن شلاير

عملية اعدام هانز مارتن شلاير كانت أكثر العمليات إثارة. كما أنها ترتبط بسابقة قانونية هامة، لذا وجب الوقوف أمامها.
تم إختطاف شلاير من الشارع العام حيث إعترضت سيارته مجموعة من المسلحين وقاموا بقتل السائق وأحد مرافقيه ثم إقتادوا الرهينة إلى مكان مجهول. بدأت المفاوضات مع الدولة على إطلاق سراحه مقابل موافقة الحكومة على إطلاق سراح المحكوم عليهم من أعضاء الجماعة ممن يقضون فترة العقوبة في السجون. والحقيقة أن هذا النوع من الأعمال كان في وقته جديداً على المجتمع الألماني الذى كان ينزع إلى الهدوء والسكينة وينبذ العنف بعد تجربة حكم الفاشية التي أجهزت على البلاد إقتصادياً ومادياً وفكرياً وأصابت الناس بخيبة أمل شديدة في فكرة القومية ذاتها.
في البداية كانت الحكومة تريد كسب الوقت وتناور مع المختطفين لعلها تستطيع الكشف بالطرق البوليسية المعتادة عن مكان إحتجاز شلاير. وشلاير كان في شبابه عضواً في حزب العمال القومي الإجتماعي الألماني (حزب هتلر)، ولهذا فقد كان مكروها بصفة خاصة من أعضاء الجماعة اليسارية الشبابية التي تحولت إلى العنف الثوري.
وقد أرسلت الجماعة شريط فيديو لشلاير من محبسه يناشد فيه الحكومة الألمانية أن تقبل شروط الخاطفين حيث أن حياته بالفعل في خطر ويلمح من جانب آخر إلى أن تشدد الحكومة في هذا الأمر يضر ولا ينفع. ولما كان المجتمع بأسره من الرافضة لفكرة التبادل مع مجرمين، حيث أن ذلك التبادل سوف يفتح الباب أمام كل الجماعات المشابهة لتكرار إبتزاز الدولة فقد إتخذت الحكومة بالتشاور مع المعارضة قراراً بأن البدل لا يشكل أي خيار للدولة لأنها لا تخضع للإبتزاز. حتى أن المستشار وقتها هلموت شميت قال لرئيس المعارضة هلموت كول في ذلك الإجتماع: “لو أنك أنت شخصياً قد إختطفت صباح غد فلن نفتديك بمارك واحد”. وهكذا أصبح هذا القرار السري ملزماً للجميع، مع عدم الإخلال بسريته.
وكانت أسرة شلاير تناشد الحكومة الموافقة على إجراء المبادلة حفاظاً على حياة رئيسها، لكن كان الأبناء يشعرون أن الحكومة إنما تماطل ولا تفرج عن المساجين الواردة أسماؤهم في قائمة طلبات الجماعة الثورية. وكان أن تفتق ذهن الإبن الأكبر لشلاير عن رفع دعوى أمام المحكمة الدستورية الفيدرالية يطلب فيها أن تحكم المحكمة علي السلطة التنفيذية أن تفرج فعلاً وبسرعة عن قائمة المساجين حقناً لدماء والده.
يبيح قانون المحكمة الدستورية الفدرالية للأشخاص الطبيعيين التقدم بدعوى أمامها وذلك في حالة كون أحد الحقوق الأساسية التي نص عليها الدستور الإتحادي قد تم التعدي عليه من جانب الدولة. وهذه الإمكانية تم وضعها لضمان إنفاذ نصوص الدستور ولإعلاء شأن تطبيق النصوص الدستورية فعلاً في التعامل اليومي مع المواطنين. وقد علق قانون المحكمة قبول الدعوى على شرط أن يكون رافعها قد تأثر هو شخصياً وبصورة مباشرة من العمل الإداري الذي قام به جهاز الدولة وأن يكون اللجوء إلى المحكمة الدستورية الفيدرالية هو آخر خطوة بعد استنفاد كافة درجات التقاضي.
إلا أن القانون عاد وفتح الباب ضيقاً أمام بعض الاستثناءات على تلك القاعدة، وذلك في حالة أن اللجوء للدرجات القضائية المتعددة، مما لا يناسب الحال ولا يمكن طلبه من رافع الدعوى (أحوال الطوارئ مثلاً). وقد كان هذا هو الباب الذي دخلت منه دعوى شلاير الإبن إلى المحكمة.
وضعت المحكمة الدستورية الفيدرالية في موقف عصي، إذ كان على القاضي أن يقرر في شأن حياة وموت إنسان بريء تماماً.

كيف تصرفت المحكمة؟

كانت طلبات المدعي رافع الدعوى (الذي كان هو هانز مارتن شلاير شخصياً بمقتضي توكيل صادر منه إلى ابنه، حيث أن الدعوى لا بد أن تكون شخصية) تركز على واجب الدولة الذي ورد في نص المادة الثانية السابق بيانها. وكانت الحكومة الإتحادية قد وافقت قبل ذلك بعام على إطلاق سراح أحد المحتجزين كفدية مقابل إطلاق سراح سياسي في برلين الغربية قامت العصابة نفسها باختطافه. وهذه السابقة وضعها محامو المدعي كسند لدعواهم بمقتضي المعاملة بالمثل. لذلك – كما جاء في عريضة الدعوى – فإن الحكومة الألمانية تملك الوسيلة لإنقاذ حياة المدعي بالحق الدستوري ولديها سابقة يمكن الاستناد إليها هي سابقة إفتداء حياة السياسي لورنز من برلين ولديها السند القانوني في المادة 34 من قانون العقوبات والتي تبيح إطلاق سراح السجناء في أحوال الضرورة. هكذا جاء في عريضة الدعوى.

رد الحكومة الاتحادية

لننظر الآن كيف جاء رد الحكومة الإتحادية التي مثلها في هذه الدعوى وزير العدل. قد يندهش المرء من الدفوع التي قدمتها الحكومة، ولكنها كانت مذكرة ذات قيمة مرتفعة في تأصيل الفكر الدستوري، وبالمقابل رفض التعاون مع المجموعات الثورية وتسهيل تغييرها لأنظمة الحكم مما يوحي بانه كان صراع حقيقي يمكن ان تسميه ثوري او طبقي او سياسي الا انه كان جدي وليس فيه تنازلات.
لم تلجأ الحكومة في ردها على الدعوى إلى إستعمال مصطلح أعمال السيادة، بل أن هذا اللفظ لم يرد مرة واحدة في عريضة الدفاع المقدمة للمحكمة (خلافاً لكل ما نعرفه عن شدة استهلاك هذا اللفظ ‏من جانب كل من حكم مصر منذ عام 52 حتى هذه اللحظة).

الرد جاء أكثر شمولية

قالت مذكرة الدفاع المقدمة من الحكومة الإتحادية أنها تعترف بواجب الدولة في الدفاع عن حياة المواطنين وسلامتهم الجسدية. وأفادت أن هذا الواجب ماثل أيضاً في الحالات الفردية كالحالة التي تنظر اليها المحكمة. ومضت المذكرة لتؤكد أن الدولة من واجبها أن تبذل كل جهد إنساني ممكن لحماية الحق في الحياة والسلامة الجسدية لكل من يعيش علي أرضها ولو كان فرداً واحداً. لكنها عادت لتذكر أن الحكومة تقف موقفاً يتعين فيه عليها أن توازن بين أمرين. فعدم الرضوخ لطلبات الخاطفين من ناحية يعرض حياة السيد شلاير إلى خطر مباشر تقدره الحكومة حق قدره، ولكن من ناحية أخرى فإن الإنصياع للعصابة ورغباتها يفرغ دولة القانون من محتواها أولا ثم أنه يعرض حياة كثيرين من المواطنين الذين لا دخل لهم بالمسألة للخطر ثانياً. فالتجربة التي مرت بها الدولة في حالة خطف السياسي لورنز في برلين، لم يسفر الإنصياع للخاطفين فيها عن وقف عملياتهم الإجرامية، بل بالعكس زادهم هذا الإنصياع جرأة على القيام بالمزيد من الأعمال المخالفة للقانون. وعلى ذلك، فإنه على الحكومة أن توازن بين العمل على إنقاذ حياة شخص وإنقاذ حياة كثيرين في المجتمع من شر تلك العصابة. ثم تعرضت المذكرة للمادة الثانية من الدستور والتي ترتكز عليها الدعوى بأسرها فقالت إن تطبيق المادة الثانية لا يعني بالضرورة الإفراج عن المساجين مقابل الإفراج عن المخطوف، إذ أنه لا يوجد قرار واحد يمكن وصفه بأنه القرار الصحيح الذي يمكن إتخاذه من جانب الحكومة لتطبيق نص المادة الثانية. ولهذا فلكل موقف ملابساته وأحواله التي تملي على صاحب القرار طبيعة قراره. وفي النهاية قالت المذكرة أن جميع أجهزة الدولة لا بد لها من مساحة من الحركة لكي تستطيع القيام بواجبها على الوجه الذي رسمه لها الدستور، لذلك فإن الرضوخ لمطالب الخاطفين يضع الدولة في موقف لا يسمح لها بهذه الحرية علي الحركة (أي أنه يلمح من بعيد لفكرة أعمال السيادة وإن لم يذكرها).

سيادية قرارات الدولة

قبل الدخول في قرار المحكمة، عليكم ان تتذكروا حكم المحكمة العليا في اميركا من عام 1801 في قضية ماربوري ضد ماديسون وكيف قامت تلك المحكمة بتقسيم أعمال الدولة الى أعمال سياسية وأعمال إدارية حيث تخضع الثانية لرقابة القضاء بينما تتحرر الأولى من تلك الرقابة وهو ما يمكن اعتباره بذرة فكرة أعمال السيادة. وفي كل الأحوال سواء في الفقه الأميركي أو اللاتيني، فإن الأصل في الأمور هو أن القضاء وحده يملك سلطة تحديد طبيعة العمل ‏أن كانت تخضع لرقابته أم لا. أي أن الأمر ليس بيد صاحب السلطة التنفيذية من عبد الناصر الى السادات الى مبارك إلى مرسي الى السيسي. وهذا هو مناط فكرة أعمال السيادة. فالفكرة الجوهرية هي عدم تحصين أي عمل من أعمال الدولة من الرقابة القضائية، مع إعطاء استثناء فقط بناء على ما يراه القاضي.

قرار المحكمة

بدأ القاضي الدستوري حكمه كالعادة بفحص الطلب من الناحية الإجرائية، فذكر أن المحكمة تتفهم دوافع تقديم الطلب المستعجل الذي له ما يبرره بسبب الظروف التي يتعرض لها والتي قد تشكل خطراً داهماً علي حياته. ثم أكد الحكم أن الواجب الدستوري للدولة بكل أجهزتها وفقاً لنص المادة الثانية هو العمل على الحفاظ علي الحياة التي هي أسمى قيمة قانونية وأيضاً الحفاظ على السلامة الجسدية للإنسان على أرض المانيا. ثم دخل الحكم في موضوع الطلب مباشرة حيث ذكر أن أجهزة الدولة جميعها لها الحرية التي تسمح لها بتقرير الخطوات التي تتخذها لكي تنفذ هذه المهمة الدستورية في الحماية الفعالة للحياة والسلامة الجسدية وذلك وفقاً للظروف التي تحيط بكل حالة. ثم قال القاضي الدستوري إن الاسلوب الذي تختاره أجهزة الدولة لتوفير هذه الحماية الفعالة لا يمكن حصره في عمل واحد معين إلا تحت ظروف مشددة يكون هذا العمل هو التصرف الوحيد الذي يصد الخطر الداهم علي الحياة والسلامة الجسدية ويحقق غرض الحماية الفعالة. وهذه الظروف المشددة ليست متوافرة في حالة شلاير.
فالطبيعة الذاتية لإجراءات الحماية المتاحة في حالات الإختطاف والإبتزاز الإرهابي تتميز بأن عليها أن تتوافق مع الوجوه المتعددة التي يمكن حملها علي الحالة الفردية. فهذه الإجراءات لا يمكن تقنينها أو وضعها مقدماً في صورة واحدة من الصور، وكذلك لا يمكن إستنباطها من الحق الفردي. فالدستور ينص على حماية الحياة والسلامة الجسدية ليس فقط للأفراد ولكن أيضاً لكل جموع المواطنين. وقال القاضي الدستوري أن التنفيذ الفعال لهذه المهمة الدستورية يحتم أن تكون أجهزة الدولة قادرة على أن تقوم بالنظر في الموقف وتقييمه ثم إتخاذ القرار المناسب في شأن كل حالة على حدة. ولا يمكن إختصار هذه الحرية اللازمة في خطوة واحدة أو تصرف بعينه لأن هذا الحصر في ذاته يشكل تعارضاً مع النص الدستوري للمادة الثانية نفسها التي يستند إليها المدعي !
ثم أضاف القاضي الدستوري في حكمه سبباً آخر يمنع المحكمة من إصدار أمر إلى الحكومة الإتحادية يجعلها تفرج عن المساجين وهو أن هذا الإفراج لو أنه وقع بالفعل لكان ذلك سبباً لمزيد من العمليات الإجرامية، حيث أن رد فعل الدولة سوف يصبح بذلك معروفا للإرهابيين وهو مما لا يستقيم مع مهمة الدولة في الحماية. أما بشأن السابقة التي ذكرها المدعي في عريضته عن حالة السياسي لورنز في برلين الغربية فقد ردت عليه المحكمة حجته بتقريرها أن ليس من المصلحة أن يكون رد فعل الدولة مصبوباً في قالب يتكرر في كل حالة. وقبل أن ينهي القاضي الدستوري حكمه، ذكر أن المحكمة ليس من سلطتها أن تملي على أجهزة الدولة المسؤولة طريقة عملها لأن هذه الأجهزة تتصرف وفق كل موقف على حدة وتقرر بشأن الإجراءات المناسبة. ثم أعلن رفض طلب المدعي هانز مارتن شلاير.

شباب اثاروا اهتمام السلطات

أعضاء المجموعة الذين ولد معظمهم من رحم الاحتجاجات الطلابية التي اجتاحت المانيا الغربية في ستينيات القرن الـ 20، على غرار غودرون إنسلين وجان كارل راسبي وهولغر مينز، أثاروا اهتمام السلطات منذ مشاركتهم في التظاهرات الشعبية وممارستهم النشاط السياسي أثناء دراستهم الجامعية، وانخرطوا وحرّضوا على الأعمال التخريبية وإحراق الممتلكات، فاعتقل بادر وإنسلين للمرة الأولى في فرانكفورت بتهمة إشعال النيران في محال تجارية أثناء حركة احتجاجية ضد حرب فيتنام في 1968.
ومع حلول 1971، مضت “عصابة بادر- ماينهوف” قدماً نحو تنفيذ عمليات ضد اشخاص تم قتلهم بعدما اعتبرتهم المنظمة أدوات للامبريالية، فاطلقت الرصاص على رقيب الشرطة نوربرت شميدت في هامبورغ، أثناء محاولته توقيف إحدى المنتسبات للمنظمة وتدعى مارغريت شيلر في أكتوبر (تشرين الأول). ولم تكشف تلك المنظمة عن نفسها للعالم الأوسع نطاقاً إلا بعد أن فجرت المقر الرئيس للفيلق الخامس التابع للجيش الأميركي، وعاثت فوضى خلال احتجاجات رافضة في فرانكفورت لـ “إمبريالية الولايات المتحدة واحتلالها” في 11 مايو (أيار) 1972، يومها لقي العقيد بول بلومكويست حتفه في الانفجار ونجحت “عصابة بادر-ماينهوف” بإلقاء ثقلها على كاهل كل حكومة غربية، لا الحكومة الألمانية فحسب.

مجموعة ثورية ساندت الثورة الفلسطينية

كانت منظمة “ماينهوف” جزءاً عضوياً من تاريخنا. فهي ساندت الثورة الفلسطينية، وعملت مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وخاصة مع وديع حداد، عبر كارلوس، فكانت هذه المنظمة مسؤولة عن العديد من العمليات الفدائية في قلب أوروبا، منها عمليات نسف السفارات الأميركية وتفجير القواعد الاميركية في المانيا واستهداف قواعد الناتو واغتيال قادة عسكريين كبار في الناتو، واستهداف شخصيات ومصالح صهيونية في اوروبا. عرفت هذه المنظمة بأنها المنظمة الثورية الأقوى في قلب اوروبا بسبب وحدتها مع الفدائيين الفلسطينيين والايرلنديين وغيرهم.
نشطت المنظمة فعلياً في الضفة الغربية وقطاع غزة قبل ان تنشط بالمانيا واوروبا. وتدربت مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكانت القضية الفلسطينية وتحرير فلسطين هدفاً تقاتل لأجلهما باعتبارهما قضية تحرر عالمية، ومنطلقاً لتحرير المانيا وتوحيدها بعد التقسيم الاميركي لها.
قامت منظمة بادر – ماينهوف بعمليات فدائية، واغتيالات لمسؤولين ومهاجمة محلات وبنوك ومراكز اميركية وبريطانية وصهيونية، وتمكنت السلطات الألمانية بالتعاون مع الاستخبارات الاميركية من القاء القبض عليهم في المانيا، فأتى الرد من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين سريعاً.
في أكتوبر /تشرين الاول 1977 خطف 4 مسلحين من رجال ماينهوف والفدائيين الفلسطينيين طائرة لاندشوت الرحلة رقم 181 لوفتهانزا من بالما دي مايوركا الى فرانكفورت. عرّف قائد الفدائيين عن نفسه بأنه محمود.. وبأنه قائد الطائرة وطالب بالافراج عن فلسطينيين واجانب يساريين معتقلين في تركيا ودول اخرى تابعة للولايات المتحدة، اضافة للإفراج عن مجموعة ماينهوف المعتقلين في المانيا مقابل الافراج عن ركاب الطائرة.
رفض قبطان الرحلة يورغن شومان الانصياع للأوامر، فقرر الفدائيون الفلسطينيون والالمان نصب “محكمة ثورية” داخل الطائرة المخطوفة قامت باعدام الكابتن ونفذ القرار في 16 تشرين الأول / أكتوبر، فعثر على جثته ملقاة على المدرج، بعدها اقلعت الطائرة عن طريق لارنكا الى دبي ومنها إلى عدن، واتجهوا الى مقديشو – الصومال.
تمكنت لاحقاً فرقة خاصة المانية من اغتيال الفدائيين الاربعة، وكان اسم محمود الحقيقي هو “يوسف عكاشة”.
بعد هذه العملية، شعرت الحكومة الاسرائيلية والحكومة الاميركية والحكومة الالمانية بمدى جدية الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وسعيها لتحرير قيادات منظمة بادر – ماينهوف من السجون الألمانية، فقام عملاء الموساد الاسرائيلي باغتيال أعضاء منظمة “ماينهوف” داخل السجون الالمانية خشية تحريرهم، واعلنت الحكومة الالمانية بأن اعضاء المنظمة انتحروا داخل السجون.. لكن الجميع يعلم بانه تم اعدامهم وتصفيتهم بدم بارد. وبعد ان اذاعت الاذاعة الالمانية الخبر، انتحر عدد من قيادات الجيش الاحمر الالماني الاسرى لدى المانيا.
القائد بادر عثر عليه ميتاً بعد اصابته بالرصاص في رأسه من الخلف، وانشيلن مشنوقة في زنزانتها، و رايسب توفي في المستشفى في اليوم التالي برصاصة في رأسه.. نجا آرمغد مولر الذي اصيب بطعنات عدة في صدره، ثم اطلق سراحه من السجن في عام 1994.
كذّب فصيل ماينهوف الرواية الرسمية وقال ان الحكومة اعدمتهم بايعاز من الاميركيين والاسرائيليين. وسألت المنظمة كيف للقادة ان يحصلوا على اسلحة ومسدسات داخل المعتقل، ولو حصلوا عليها كان الاجدر بهم الفرار.. كونهم فدائيين فالفدائي لا ينتحر من دون مقابل!!

من هما بادر وماينهوف؟

يعتبر اندرياس بادر واولريكه ماينهوف الأبوين الروحيين لمنظمة جناح الجيش الأحمر التي روّعت البرجوازية في المانيا حتى نهاية التسعينات. ولد اندرياس بادر في ميونخ عام 1934، وساهم في أعمال العنف الثوري خلال ثورة الطلبة في الستينات والسبعينات من القرن العشرين، وانضم إلى اجنحة الطلبة المتشددين التي اتخذت اسم “المعارضة غير البرلمانية”. وكان بادر ميالا للعنف الثوري بطبعه إذ سبق أن سجن لمدة ثلاث سنوات بسبب اقتحامه لمتجر كبير في فرانكفورت عام 1968. ساهمت اولريكة ماينهوف مع يان كارل راسبه وغودرون انسلن في عملية شهيرة لتحريره من السجن عام 1970 ليضعوا الحجر الأساس لجماعة بادر ـ ماينهوف. ألقي القبض على بادر في عام 1972 وحكم عليه بالمؤبد، غير انه وجد ميتاً في زنزانته في سجن شتوتغارت يوم 18 اكتوبر (تشرين الاول) 1977، حيث تم تصفيته جسدياً في سجنه ولم ينتحر كما تدعي الشرطة.
اما اولريكة ماينهوف فتتحدر من وسط مثقف يختلف عن الوسط الذي نشأ فيه بادر. وكانت ماينهوف زوجة اليساري كلاوس رول الذي يحرر مجلة “كونكريت” اليسارية، حيث اصبحت محررة فيها. لاحقاً، تركت زوجها في نهاية الستينات وتقربت أكثر إلى اليسار المتطرف في حركة الطلاب. ويقول البعض أن تسمية بادرـ ماينهوف “غير منصفة”، لأن الرأس النسوي الحقيقي للمنظمة كانت غودرون انسلن التي اعتقلت في 15 يونيو (حزيران) 1972 وتمت تصفيتها لاحقاً في زنزانتها يوم 9 مايو (ايار) 1976 من قبل رجال الشرطة الذين ادعوا انها انتحرت.

اعتقالات بعد 30 عاماً من الهروب

وسط جدل واسع النطاق إعلامياً، نظر الرئيس الألماني هورست كولر في طلب العفو المقدم من عضو الجيش الأحمر كريستيان كلار والمحكوم عليه بالسجن مدى الحياة ست مرات، ولكن هذا الطلب رُفض في 7 مايو /أيار 2007. فيما حصلت عضو الجيش الأحمر بريغيتي مونهاوبت على الإفراج المشروط لمدة خمس سنوات من قبل المحكمة الألمانية في 12 فبراير/شباط 2007، وأُطلق سراح إيفا هاولي في 17 أغسطس/آب 2007.
وبعد 30 عاماً من المطاردة ألقت الشرطة في برلين القبض في مارس /آذار عام 2023 على عضوين من فصيل الجيش الأحمر الألماني. كما شنت وحدات خاصة من الشرطة مداهمات في منطقة ماركغرافيندام، بحثاً عن إرنست فولكر ستوب، 69 عاماً، وبوركهارد غارويغ، 55 عاماً.
وقال متحدث باسم الشرطة، إنه تم إلقاء القبض على رجلين مؤقتاً، “ولكن يجب التحقق من هويتيهما”. ووفقاً لوكالة الأنباء الألمانية، فقد تم اعتقال ما مجموعه أربعة رجال وامرأة واحدة خلال العملية حينها اذ ما زالت المانيا تقلق من فكرة هذه المجموعة وتطورها وتعتبر أعضاءها مدانين بعمليات إرهابية، بينما الفصيل يعتبر نفسه أنه ثوري يمارس عنفه الثوري لتغيير المجتمع والقواعد الاقتصادية للاتجاه نحو الاشتراكية.

شارك الخبر:

اضغط على مواقع التواصل ادناه لتتلقى كل اخبارنا

آخر الأخبار

جعجع : سنكون خارج أي حكومة تلحظ في بيانها الوزاري معادلة “جيش وشعب ومقاومة “

أخباركم-أخبارنا أكد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ان "القوات اللبنانية" ستكون خارج اي حكومة...

جبران باسيل في حديث لـLBCI: اختيار نواف سلام لرئاسة الحكومة خيار إصلاحي وتوافقي

أخباركم - أخبارنا أكد رئيس التيار الوطني الحر، النائب جبران باسيل، في مقابلة مع...

وفد من قيادة حركة حماس يلتقي أمير قطر لبحث جهود وقف إطلاق النار في غزة

أخباركم - أخبارنا في إطار الجهود المستمرة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في...

More like this

القصيفي لموقعنا: ما يجري الآن في لبنان يمثل تحولاً كبيراً في مآل الأزمة اللبنانية

أخباركم - أخبارنا/ جميل نعمة إعتبر نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي، أن ما...

خطاب القسم إنقلاب على الإنقلاب

أخباركم - أخبارنا/ يوسف مرتضى شكّل اتفاق الطائف عام ١٩٨٩ جسر عبور للبنان من...

مسار تشكيل حكومة العهد الجديد ينطلق غدًا فمن سيكون رئبس الحكومة المكلف؟

أخباركم - اخبارنا/ عايدة الأحمدية تتجه الانظار الى مسار تشكيل حكومة العهد الجديد، الذي...