تحقيق ناديا شريم – لاخباركم اخبارنا: “من يملك الأرض يملك القرار”مقولة كان يرددها مالكو الأراضي في الارياف، أو ما كان يطلق عليهم اسم “الاقطاعيين”، والذي كانوا يشغلون الفلاحين وفق نظام المرابعة” وهو نظام عثماني يقضي بأن يقوم الفلاح بفلاحة وزرعها وحصادها على أن يأخذ ربع ثمن المحصول لتأمين العيش الكريم لعائلته التي يؤمن لها الاقطاعي المنزل أيضا.
مع ولادة لبنان الكبير في العام 1920 كان الإقطاعيون منتشرين في كل المناطق اللبنانية من الشمال إلى الجنوب إلى جبل لبنان والبقاع ومن كل الطوائف ، حيث كان لكل منطقة إقطاعيوها الذي يسيطرون على الحجر والبشر والقرار خصوصا بعدما وصلت الأكثرية منهم إلى مراكز حساسة ومرموقة في الدولة مما سمح لهم بأن يصبحوا أصحاب مال وسلطة ، لكن وعلى رغم كل مساوئ هؤلاء فقد نجحوا والى حد كبير في الحفاظ على الاراضي حيث كانوا يرفضون مبدأ البيع وتحديدا لغير اللبنانيين.
مع طفرة النفط في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي ومع تقهقر سلطة الاقطاعيين في البلد توجهت أنظار العرب وتحديدا الخليجيين إلى لبنان حيث انتشرت ظاهرة شراء الأراضي والعقارات من قبل غير اللبنانيين وامتلأت مناطق الاصطياف في عاليه وبحمدون وغيرهما بقصور الأمراء والمشايخ العرب الذين كانوا يقصدون لبنان للاصطياف فيه ،لكن ضمن مساحات معينة وإجراءات جدية ترعاها القوانين اللبنانية.
مع اندلاع الحرب في العام 1975 لم يعد العرب يقصدون لبنان للإصطياف فيه ، لكن الأغلبية منهم لم تقم ببيع الأراضي والقصور واحتفظوا بها حتى إشعار آخر، كما أن الميليشيات اللبنانية بكل تنوعاتها حافظت على هذه الاملاك .
الحريري والإجراءات الجديدة
بعد انتهاء الحرب في العام 1989 وابرام اتفاق الطائف كدستور جديد للجمهورية اللبنانية بدأ الأمر يتغير والى حد كبير ، فقد ساد المنطقة حديث عن سلام كامل وشامل في المنطقة واستثمارات كبيرة ويرافق كل ذلك مع وصول المرحوم رفيق الحريري إلى رئاسة الحكومة لاول مرة في العام 1992 ،لكن في العام 1996 ألغت حكومة الرئيس الحريري براءة الذمة وحق الشفعة كشرطين لتملك الاجانب ورفعت نسبة مساحة الأرض التي يستطيع غير اللبناني شراءها مما سمح للاجانب بشراء أراض شاسعة في مختلف المناطق لكن اللافت في الموضوع كان شراء الأراضي من المسيحيين ،تلك الظاهرة التي أحدثت ردات فعل كبيرة من الفعاليات السياسية والروحية المسيحية لكن دون أي نتيجة تذكر وبقي الوضع على ما هو عليه حتى يومنا هذا.
دوريه
يؤكد رئيس “حركة الأرض “طلال دويهي الذي يتابع هذا الموضوع بكل تفاصيله لموقعنا ،أن موجة شراء الأراضي من المسيحيين ليست صدفة، خصوصا وأن بعض الاطراف تستغل الضائقة المالية التي يعاني منها هؤلاء ويقدمون اسعارا مغرية مما يجعل البعض يراها فرصة للتخلص من مشاكله المالية.
وإذ يحمل المسيحيون أيضا بعضا من المسؤولية لان احدا لم يجبرهم على بيع أراضيهم يكشف أن هناك بعض الخزعبلات التي يقوم بها المشترون للايحاء بأن الشاري هو لبناني ليظهر بعد فترة بأنه غير لبناني.
الى ذلك يشير دويهي على أن المسيحيين خسروا 47 بالمئة من أراضيهم منذ ولادة لبنان الكبير و 14 بالمئة منها في السنوات الاخيرة وهو رقم مخيف يغير وإلى حد كبير من التوازن القائم في البلد” ، وهو ما جعله يثير الموضوع مع عدد من القيادات حيث كان له لقاء يوم الاحد مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي وعده بمتابعة الموضوع مع كل الفعاليات وعلى كل المستويات.
فهل تتوقف عملية شراء الأرض من المسيحيين ام هناك مخطط جديد يقضي بإعادة رسم معالم البلد من جديد ،اما السؤال الأهم فهو ،متى يتوقف المسيحيون عن بيع أراضيهم ويدركون “أن من يملك الأرض يملك القرار”.