كتبت عايدة الاحمدية لأخباركم – أخبارنا
يأتي قرار الحكومة الإسرائيلية إغلاق مكاتب قناة “الجزيرة” والاستيلاء على أجهزة تستخدمها وتقييد الوصول إلى موقعها على الإنترنت، ليؤكد مرة جديدة محاولات إسرائيل المستمرة لكم الأصوات وطمس الحقائق حول انتهاكاتها للقانون الدولي والجرائم التي ترتكبها ضد الشعب الفلسطيني.
ويرجح أن يكون قرار إسرائيل إغلاق مكاتب قناة” الجزيرة” في هذا الوقت له علاقة بالتصعيد العسكري المتوقع ضد رفح حيث يتوقع أن ترتكب المزيد من المجازر بحق المدنيين، لذلك تسعى سلطات الاحتلال لفرض رواية إعلامية موالية لها وكتم أصوات منتقديها، والتعتيم على جرائمها من خلال استهداف المصادر الإعلامية المستقلة لا سيما وأن ” الجزيرة” تعتبرإحدى أبرز المنصات التي تغطي انتهاكات إسرائيل بشكل مهني ومستقل، لذا فهي هدف رئيسي للقمع.
من جهته يرى مدير مكتب” الجزيرة” وليد العمري ان قرار اغلاق القناة هو نتيجة حملة تحريض متواصلة ضد القناة وطواقمها منذ بداية الحرب على غزة. ويوضح أن العاملين في مكتب الجزيرة لم يتلقوا أي تحفظات أو ملاحظات أو حتى اتهامات من قبل أي جهة رسمية في إسرائيل، لكن القرار جاء نتيجة لتغطية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ويلفت الى أن الإسرائيليين أنفسهم أكدوا أن خلفيات القرار سياسية وليست مهنية، وهو يرتبط بالحرب والمفاوضات الجارية من أجل إبرام صفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.
ويؤكد العمري ان القرار و الممارسات السابقة بحق الصحفيين والمصورين العاملين بالجزيرة هو محاولة لطمس الحقيقة من ناحية، ولأن الحكومة الإسرائيلية لا تريد أن تكون هناك وسيلة إعلام غير إسرائيلية تقدم رواية أخرى للحرب.
وفي هذا السياق، ترى منظمة “مراسلون بلا حدود” أن قرار وقف عمل قناة “الجزيرة” هو تشريع قمعي فاضح يهدف لإسكاتها بسبب تغطيتها للحرب على غزة.
وتؤكد المنظمة أن الخطوة تنم عن رقابة غير مقبولة في حق آخر المنابر الإعلامية التي يمكنها نقل الأحداث بغزة.
الجدير ذكره ان إغلاق قناة “الجزيرة” يأتي ضمن سلسلة انتهاكات مارستها سلطات الاحتلال بحق الصحافيين الذين يغطون الأحداث في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فهم ومنذ بدء العدوان يواجهون قمعًا شديدًا من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي. وتشمل ممارسات القمع هذه القتل والاعتقالات التعسفية، والاعتداءات الجسدية، ومصادرة المعدات، ومنع التغطية الإعلامية، وإصدار الأوامر العسكرية لإغلاق المكاتب الصحفية.
ولعل عدد الضحايا الذين سقطوا خلال حرب غزة يؤكد مدى إمعان العدو في طمس الحقائق، حيث وصل عدد القتلى من الصحفيين في مطلع العام إلى 106 صحفيين.
وتقول لجنة حماية الصحفيين الدولية، ومقرها الولايات المتحدة، إن الأسابيع العشرة الأولى من الحرب الإسرائيلية على غزة كانت الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة للصحفيين، إذ سجل مقتل أكبر عدد من الصحفيين خلال عام واحد وفي مكان واحد.
وتؤكد أن الصحافة في غزة قُيدت بشكل حاد، بما في ذلك منع صحفيين أجانب من الوصول بشكل مستقل إلى القطاع تحت وطأة الحرب الإسرائيلية المكثفة مع تكرار انقطاع الاتصالات ونقص الأغذية والوقود والمأوى.
فيما تؤكد نقابة الصحفيين الفلسطينيين أن العشرات من الصحافيين وأهالي الصحفيين الفلسطينيين قتلوا بصواريخ طائرات الاحتلال الإسرائيلية، وتوضح أن الهجمات التي استهدفت منازل الصحافيين بلغت نحو 20 منزلًا، ومنها خمسة منازل للصحفيين وعائلاتهم أدت إلى استشهاد العديد من الصحافيين داخلها مع عائلاتهم، بينما أصيب البعض الآخر بإصابات خطيرة، كما طالت الهجمات الإسرائيلية منازل صحفيين في مناطق شمال ووسط قطاع غزة، واستهدف بعضها منازل تم إخلاؤها بالفعل.
كذلك وثق المركز الفلسطيني للحريات والتنمية “مدى” خلال عام 2021 ما يزيد على 368 انتهاكًا، بينها 155 انتهاكًا مباشرًا بما في ذلك الإصابات والقتل، وقصف الاحتلال 33 مقرًا صحفيًا في قطاع غزة خلال العدوان، منها ما دُمِّر تدميرًا كاملًا.
فضلا عن ذلك يقبع في سجون الاحتلال عشرات الصحفيين، من بينهم الصحفي محمود عيسى الذي تم اعتقاله منذ عام 1993.
ولم تكتف إسرائيل بقتل الصحفيين واعتقال عدد كبير منهم ، بل حاولت محو كل ما يذكر بإجرامها من خلال تدمير النصب التذكاري للشهيدة الإعلامية شيرين أبو عاقلة، التي قتلها جنود إسرائيليون في أيار 2022.
ما تم رصده من قمع وإجرام بحق الصحافيين وعائلاتهم لا يمثل الحقيقة كاملة، ، لأن كل المؤشرات تشير إلى أن حجم الخسائر أكبر بكثير .