كتب ابراهيم بيرم لأخباركم – أخبارنا: خلال الساعات القليلة الماضية، كشفت كتلة “الاعتدال الوطني” النيابية الوسطية (تضم 6 نواب: 5 سنة و1 أرثوذكسي)، النقاب عن قرار اتخذته، يقضي بطيّ صفحة المبادرة التي اطلقتها قبل اكثر من شهرين بغية ايجاد الية توافقية من شأنها ان تنهي مرحلة الشغور الرئاسي الممتدة منذ نحو 16 شهراً، وبدأت معها على الفور جولة اتصالات ولقاءات مكثفة، معتمدة على ميزة انها كتلة وسطية على علاقة ايجابية بكل القوى وليست محسوبة على أي جهة من الموالاة أو المعارضة.
وقد شملت دائرة اتصالاتها كل الكتل النيابية الوازنة في مجلس النواب، مستهلة إياها بلقاء مع رئيس المجلس نبيه بري، وخرجت من عنده وهي تعلن انها لقيت عنده تجاوباً وايجابية يشجعها على المضي في ما بدأت به.
واكد عضو الكتلة النائب سجعان عطية، ان الكتلة قررت فعلاً ايقاف مبادرتها “في المرحلة الحالية”. وقال: لقد اخذنا هدنة، لأن توقيت “طرح المبادرة” ليس مناسباً.
وبالاجمال، بدا كلام عطية وكأنه تبرير ملطّف لحال يأس وشعور بالعجز عن الدفع بالمبادرة الى النهايات المنشودة والأهداف المكشوفة.
ومع ذلك، فان النائب عطية وجّه دعوة صريحة الى كل الاطراف السياسية المعنية “لعدم الوقوف عند الشكليات”، لافتاً الى أن اللجنة الخماسية (تضم الولايات المتحدة وفرنسا ومصر والسعودية وقطر) تعتزم تجديد نشاطها وحراكها بطريقة فردية أو ثنائية أو حتى جماعية”.
وفيما بدا وكأنه تطمين الى أن الكتلة لن تنسحب كلياً من دورها المبادر ومن مبادرتها، أشار عطية الى انها تعتزم لقاء الرئيس بري وقوى المعارضة مقدمة لخطوات تالية.
ومن المعلوم أن مبادرة كتلة الاعتدال تضمنت خطوات متكاملة تبدأ بـ “التشاور” بين القوى بديلاً عن “الحوار الوطني” الذي تعارضه المعارضة كلياً وتتحسّس منه، وينتهي التشاور بالاتفاق على اسم رئيس وسطي على أن تعقد بعده جلسة انتخابه في المجلس.
ولم يعد خافياً أن الكتلة اعتبرت في مرحلة من المراحل أن حراكها لا يتعارض إطلاقاً مع حراك اللجنة الخماسية، الى درجة أن النائب عطية تحدث في اطلالات عدة عن تكامل بين الطرفين، وأن الخماسية تعتبر مبادرة الكتلة تتمة لحراكها.
كما أن مبادرة الاعتدال كانت “امّ المبادرات” وفاتحتها، اذ سرعان ما صاغت كتل نيابية اخرى مبادرات وحملتها في جولات لها، كان ابرزها مبادرة كتلة “اللقاء الديموقراطي” برئاسة النائب تيمور جنبلاط، ثم مبادرة رئيس تكتل “لبنان القوي” النائب جبران باسيل، وكلاهما رفعا شعار الدعوة الى تبني “الخيار الثالث”.
وبناء عليه، اختار بعض الاعلاميين أن يستعيروا عنوان رواية الكاتب السوداني الشهير الطيب الصالح، ليقول بأن عنوانها “موسم الهجرة إلى الشمال” يصح أن ينطبق على مرحلة “موسم الهجرة الى المبادرات الرئاسية”.
ويبدو ان كل هذه الجهود والمبادرات اصطدمت بحقائق عنيدة وبموانع شديدة، ابرزها:
- ان الثنائي ليس في وارد التخلي عن مرشحه الحصري سليمان فرنجية، بل انه يزداد تمسكاً به بعد التطورات الميدانية الاخيرة
-أن لا مجال لأي حديث عن الرئاسة الاولى في لبنان ما دامت الحرب الاسرائيلية على غزة مستمرة، والحرب على الحدود الجنوبية متواصلة.
بناء عليه، لم تستغرب الاوساط المعنية في بيروت قرار كتلة الاعتدال بايقاف مبادرتها التي كانت ريادية في مجالها.
واللافت ان هذه الكتلة، وكما كانت سبّاقة في صنع المبادرة، فانها كانت سبّاقة ايضاً في الإقرار باخفاقها، وانها بناء عليه تنسحب وتنكفىء الى اجل غير مسمى.