![](https://akhbarkum-akhbarna.com/wp-content/uploads/2023/05/129784045_c228d3d05ae3273a6a1a60e2ab8d7a37322461eb-compress.jpg)
كتب باسل عيد
شكل حضور الرئيس السوري بشار الأسد القمة العربية، الخبر الأبرز الذي طغى على كل مجريات تلك القمة التي عقدت في مدينة جدة في المملكة العربية السعودية، بعد أكثر من عقد على مقاطعة جامعة الدول العربية، والأبرز فيها دول الخليج العربي، لسوريا ولنظامها منذ بدء الاحداث فيها في العام 2011.
في نظر معارضي النظام، فإن عودة الأسد الى جامعة الدول العربية يعد نكسة وهزيمة نكراء لكل الانظمة العربية التي عارضت ارتكابات النظام السوري بحق ابناء شعبه وارتمائه في أحضان إيران، وهي سفك إضافي لدماء السوريين التي سقطت على يد آلة قتل ذلك النظام.
أما المؤيدون للأسد، فرأوا في الخطوة انتصارا مدويا لرئيسهم، الذي دخل أبواب المملكة ظافرا، وهم رددوا بعد قرار الجامعة العربية عودة سوريا اليها بأن العرب “عادوا الى سوريا وليست هي من رجعت اليهم”.
وكان الخطاب الملغوم للرئيس السوري خلال القمة، ترجمة فعلية لما اعتبره مؤيدو النظام بأنه انتصار لهم. فالأسد تحدث بلغة الواثق بحتمية تأثيره على الساحة العربية بالمجمل، وضمن خطابه تلميحات مباشرة وعتاب عالي السقف حول مسؤولية الجامعة العربية بما اعتبره المشاركة في حصار سوريا.
أتى الأسد الى جدة ليس من باب المتراجع او المذعن، بل من باب المنتصر الظافر، ومعه فريق اعلامي كبير مغتبط ب”نشوة النصر”، فظهر من خلال ما توجهت به مراسلة قناة “الاخبارية السورية” الى الامين العام للجامعة احمد ابو الغيط بكلام لم يخل من نبرة متعالية، ما استدعى من الامين العام اسكاتها ومهاجمتها من قبل المذيع المصري أحمد موسى.
الموقف الوحيد الرافض لحضور الرئيس السوري فعاليات القمة جاء من أمير قطر، الذي انسحب من الجلسة قبيل القاء الاسد لكلمته، في حين ان الوفد السوري رفض وضع سماعات الترجمة عند القاء الرئيس الاوكراني زيلينسكي كلمته، في تصرف يعكس منطق القوة والثقة الذي شعر بهما ذلك النظام واركانه بعد إعادته الى الجامعة العربية.
ويتساءل المراقبون والمهتمون: لمصلحة من تصب إعادة سوريا ورئيسها الى الجامعة؟ هل في الأمر مكاسب للدول العربية أجمع، لاسيما اولئك المتأذون من التدخلات الايرانية في شؤونهم، وبالتالي سحب البساط الايراني من تحت قدمي الاسد لاعادته بشكل كامل الى الحضن العربي، وهل حصلت دول القرار العربية، تحديدا المملكة العربية السعودية ومصر، على ضمانات من الرئيس السوري بأن إيران لن تكون اللاعب الأول والأهم في بلده، وبأنه سيكون جزءاً من القرار العربي الموحد الذي يحد من تدخلات طهران في الشؤون العربية؟ والسؤال الابرز: هل تأمن تلك الدول لمدى التزام النظام السوري بتعهداته، علماً ان له تجارب كثيرة في نقض ما تعهد به؟
وماذا عن لبنان التي أتت مقررات القمة هزيلة بشأنه؟ هل ترك لوحده وطلب من النظام السوري مجدداً وضع هذا البلد تحت جناحيه بعد ان خرج منه بعيد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في العام 2005؟
ربما يتبع العرب، وعلى رأسهم دول الخليج، مبدأ العصا والجزرة مع سوريا: إبتعدي عن إيران والتزمي بالاجماع العربي وخذي ما شئت من أموال ومشاريع واستثمارات، وإلا…
أو قد أكون مخطئا ويكون الأمر بخلاف ذلك: إعادة سوريا لمجرد إعادتها لتستمر الأمور على ما هي عليه من دون أدنى مكسب للعرب.
الأيام القادمة ستحكم، لذلك فلننتظر ونر.