![هالة نهرا](https://akhbarkum-akhbarna.com/wp-content/uploads/2023/06/9c30546a-51d2-498b-b125-76dbd4fcb401-800x500.jpg)
كتب مسعود محمد: كاتبة وإعلامية وشاعرة وموسيقية، كل هذه الصفات تجتمع في هالة نهرا، وهي تقول عن نفسها قبل كلّ شيء، وخلال كل شيء، وبعد كل شيء، أنا إنسانة.
كاتبةٌ أنا وناقدة موسيقية وفنية وصحافية وشاعرة لبنانية وعربية إنسانية وشعوبُ الأرض إخوتي في الإنسانية. أكتبُ الشعر لأُفَيّءَ روح الجمال العميق والغائر في الدلالة وأصونه، ولتظليل الحبّ وأكوانه على اعتباره قضية الإنسان منذ أن وُجد، ولرفع رنين صوت المحبّة، وليحفرَ الشعرُ أحياناً موقفاً من العالم والوجود في لجّة اختلاله؛ لعالمٍ أكثر إنسانيةً وعدلاً وعدالةً ورأفةً وترؤُّفاً وإنسانيةً وحرّيةً ورحابة، ولتتجدّدَ اللغةُ في الشعر واللغةُ تُمثّلُ “بيت الوجود”. كذلك فإنّ كتاباتي عن الموسيقى والفنّ والثقافة تتراكم منذ عشرين سنة، وقد أطلقتُ كتابي “إضاءات موسيقية وفنية” عام 2016 عن “دار الفارابي”، ثمّ “موسيقات وفنون وثقافات” عام 2022 عن الدار عينها، ومنذ أيامٍ صدر لي كتابٌ بعنوان “الموسيقى في لبنان بين العام 2000 والعام 2020” عن “دار فواصل للنشر” في بيروت.
سألناها منذ متى الهيام بالموسيقى؟
منذ أيّام الطفولة البريئة سحرَتْني الموسيقى وتيّمَتْني فنحن نعشق الموسيقى في العائلة تاريخياً والنغم يعشّش في أوردتنا وخلايانا؛ بدءاً من جدّي ثمّ أبي الحبيب، وصولاً إلى أخي الحبيب صاحب الصوت المخمليّ، مروراً بي أنا. تعلّمتُ الموسيقى في الكونسرفاتوار والجامعة وشكّلت الموسيقى شغفاً جارفاً بموازاة اللغة العربية التي أعشقها.
وعن قصتها مع الشعر ومتى كانت القصيدة الأولى؟
الشعر غرامي وكانت القصيدة الأولى منذ الطفولة البريئة في إرهاصاتٍ وهيولى طفولية، حيث فتنني المجاز عبر الأغاني أوّلاً، ثمّ في مراهقتي قرأتُ دواوينَ شعرٍ لمحمود درويش، وأدونيس، وأنسي الحاج، وبدر شاكر السياب، وسواهم، ولشعراء كبار ونساء وشباب، وكتبتُ تلقائياً لكنني لم أنشر حينذاك.
الشعر واحةٌ وأوكسيجين ويمثّل رئةً ثالثة، وقلتُ في ديواني “أمنحُ شعوبي أسمائي الـ7” إنّ الشعر هو الزفرة العميقة التي يُطلِقُها الكون، وهو المفاتيح التي بوسائطها ينجلي بتقطُّر الغامض والمجهول والمحجوب واللامنظور الخفيّ. الشعرُ يتلألأ بالفصحى العظيمة وبالعامّية الجميلة حال تعبيرِ الأجيال في يوميّاتها، والعامّية موجودةٌ ومؤثّرةٌ وقد حفرت نقْشَها إنْ في التراث أو الحداثة.
وعن علاقتها بموسيقى الرحابنة؟ وعلاقتها بمرسيل خليفة وهل نشهد عملاً مشتركاً بينهما قالت:
فيروز وعاصي ومنصور الرحباني إحدى عماراتنا الفنية والحضارية اللبنانية والعربية الشاهقة وقد حفروا بصماتهم في الذاكرة الجمعيّة والوجدان. فيروز هائلةٌ جداً وفريدة عربياً وعالمياً، وعاصي ومنصور عظيمان. حاضرتُ في ندواتٍ عديدة عن عالم الرحابنة في الأغنية والمسرح الغنائي في الحركة الثقافية- أنطلياس، والجامعة اللبنانية الأميركية، وجامعة الروح القدس – الكسليك، وجامعة نيويورك- أبو ظبي (NYUAD)حيث تناولتُ إرث الأخوين عاصي ومنصور الرحباني ضمن فعاليات مهرجان أبو ظبي 2013 (رواق الفكر). مرسيل خليفة فنانٌ فريدٌ مبدع وصديقٌ تاريخي عزيزٌ جداً رافقني بفنّه منذ طفولتي، وطلب مني في مراهقتي أن أتحدّث إلى جانبه في حوارٍ تلفزيوني عن موسيقاه والعود (آلتي في ذلك الوقت)، فكان ذلك ولبّيتُ دعوته، وحاورتُهُ مرّاتٍ عدّة منذ طفولتي (في استديو إلياس الرحباني)، مروراً بشبابي في الصحافة وخارجها، وواكبتُ كل تجربته؛ بدءاً من “وعود من العاصفة”، مروراً بـ”كونشرتو الأندلس” و”الكونشرتو العربي” وسواهما، وصولاً إلى العديد من تفاصيل “جدارية” محمود درويش التي سوف يطلقها قريباً، وقد أعلنَ عن تقاطيعها ومفهومها وجوهرها في حواري الجديد معه. وكتب مرسيل شهادة رائعة عن ديواني الشعريّ “الفرح عنوان الأبد” قائلاً: “لقصيدة هالة نهرا شهوتها وصهوتها وكالماء تصنع مجراها وتتدفق ولا شيء يمنعها. كغزالةٍ تحنّ إلى مملكة الضياء في الحبّ والثورة والحسرة، وفي ومضةٍ من زمانٍ عجل لا ينتظر. لا يينع الفرح إلاّ في قلب يعرف كيف يُشرق. ديوانها “الفرح عنوان الأبد” في زمن العُسْر ومضة تُبدّد دامساً غميساً. مع محبتي لهالة”. أنا منفتحة على احتمالات التعاون مع الفنانين والمبدعين ولستُ منغلقة على الإطلاق.
سألناها هل من علاقة ما بين الشعر والموسيقى والسياسة؟
أحياناً كثيرة تكون ثمّة علاقة وطيدة ما بين الشعر والموسيقى والسياسة، لا سيما في الأغنية الملتزمة أو الفنّ الملتزم عموماً.
أخبرينا عن كتبك التي صدرت والتي تعملين عليها.
البداية كانت مع “إضاءات موسيقية وفنية” (“دار الفارابي”) ويشتمل على إضاءاتٍ متنوعة، بدءاً من الأغنية في ضوء الثورات والانتفاضات العربية، مروراً بالأخوين رحباني وفيروز، وبآخرين كُثُر من المخضرمين والشباب، وصولاً إلى وديع الصافي ويعقوب الشدراوي. ثمّة إضاءة على عددٍ من الفنانين والمبدعين والمؤلّفين الموسيقيين في أعمالهم. يتضمّن الكتاب الأول مجموعة نصوص ومقالات وندوات ومحاضرات وحوارات إخترتُها ضمن رحلتي في أفضية الكتابة الصحافية وخارجها في مدى أكثر من عشر سنوات. يعكس الكتاب جزءاً من ذاكرة بيروت، وأطوارها ومناخاتها ومزاجها في فترة معينة. كما يعكس ملامح مدن أخرى، أو لنقُلْ ذاكرة العالم العربي في ومضاتٍ ومشاهد ومحطّات وقد حرصتُ على لملمتها فنياً، علماً أنّ الكتاب لاقى نجاحاً هائلاً واقتنتْهُ أكثر من 26 جامعة عالمية مرموقة حتى الآن في مكتباتها وذلك بمبادرةٍ رائعة منها، بما يفيد كلّ قارىء وكل باحث وكل طالب معرفة في العالم، وهي مشكورة على ذلك. أما “الفرح عنوان الأبد”، فهو ديواني الشعري الأوّل، فيما “أمنح شعوبي أسمائي الـ7” هو ديواني الثاني الصادر حديثاً عن “دار فواصل للنشر” إلى جانب كتاب “الموسيقى في لبنان بين العام 2000 والعام 2020” حيث أضأتُ على كلٍّ من مرسيل خليفة، وفيروز وزياد الرحباني، وغدي الرحباني والفرسان الأربعة، وأسامة الرحباني، والمؤلّف الموسيقي عبد الله المصري وأميمة الخليل في “مطر”، وهبة القوّاس وجاهدة وهبي، وتقاطيع وخصائص تراثية بين العام 2000 والعام 2020، ووديع الصافي، وهياف ياسين، ومنير الخولي وسامي حوّاط، وغيرهم، إضافةً إلى الأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية، والأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق– عربية، والكورال المدرسيّ في مؤسّسات الإمام الصدر، وكورال الفيحاء، وكورال فيلوكاليَّا، إلخ.
ما هي المشاريع المستقبلية لشاعرتنا وهل من مشروع موسيقي؟
لقد أنجزتُ لتوّي كتابَين جديدَين استغرقا وقتاً وجهداً كبيراً، وأحتاجُ في الحقيقة إلى بعض الراحة في ظلّ الصعاب اليومية والضغوط والمشاقّ في زمن الانهيار المرعب والمؤسف جداً في لبنان الحبيب. سأواصل رحلتي ومساري بإصراري وشغفي العتيد إن شاء الله في فضاء الثقافة والشعر والكتابة والنقد، وغير ذلك أيضاً، ومنفتحةٌ أنا على مراوح الأفكار الخلّاقة المفيدة والبنّاءة، وعلى أيّ مشروع إبداعي جديد يعجبني ويقنعني.
وقالت هالة لموقعنا بختام حوارنا الشيق معها ختاماً، أشكركم على هذا الحوار الثقافيّ الجميل وعلى أسئلتكم القيّمة.