كتب ابراهيم بيرم
تتعزز يوماً بعد يوم مسألتان: الاولى ان حاكم مصرف لبنان الحالي والمثير للجدل رياض سلامة سيغادر المنصب الذي يتولاه منذ ثلاثين عاماً بعد انتهاء ولايته في اواخر شهر تموز المقبل، اما الثانية فهي ان نائبه الاول وسيم منصوري هو من سيخلفه حكماً انفاذاً للقوانين المرعية الاجراء، لتعذر تعيين بديل اصيل في ظل الشغور الرئاسي.
والمفارقة هنا، انه للمرة الاولى، يتولى شيعي هذا المنصب المكرّس لماروني منذ انشائه في اوائل الستينات من القرن الماضي.
والى الامس القريب، كان اوساط رئيس مجلس النواب نبيه بري تستبعد هذا الامر وتستهيبه، نظراً الى واقع الانهيار النقدي والمالي منذ اعوام ثلاثة.
اذ ان ثمة مسؤولية كبرى ومهمة شاقة في ان يتسلم منصوري عملياً “كرة نار”، في ظل انهيار مالي ونقدي تعدى عمره الثلاث سنوات.
فضلاً عن ذلك، فان الرئيس نبيه بري كان لا يريد رفع منسوب الإستياء الحاصل لدى المسيحيين الذين يشكون من “إفراغ متعمّد” للمناصب الأولى المخصصة لهم في الدولة.
في ذلك الحين، فهم المعنيّون أن عين التينة انما تتعمّد اطلاق رسائل واشارات، فحواها اننا لا نرغب اطلاقاً بتجرع هذه الكأس ودبروا الأمر عاجلاً قبل فوات الأوان ولا تحملوننا “دم هذا الصدّيق”.
والمعلوم في السياق نفسه، أن الرئيس ميقاتي عجز، إبان رئاسة العماد عون عن تعيين بديل لسلامة المحاصر يومذاك، لكنه خصوصاً بعدما اشترط اجماعاً مسيحياً اولاً ووطنياً ثانياً على خطوة اقالة سلامة من جهة، وعلى اسم البديل له من جهة اخرى.
ومع ذلك كله، فان ثمة “مشيئات” عدة حالت دون ذلك، لأنه تبين ان الحاكم وان كان متهماً، فهو محمي بشبكة امان لذا بقي الموضوع مفتوحاً على التأويل والتحليل، وبقي سلامة في مكتبه يدافع عن نفسه بشراسة ويتعامل مع الأمر وكأن لا خطر يتهدده.
وقبل شهر ويومين من موعد انتهاء الولاية القانونية لسلامة، كان امراً بديهياً ان يستعاد موضوع خلافة سلامة. اما الان وقبيل نحو شهر من انتهاء ولايته، بدا واضحاً ان الثنائي الشيعي سحب تحفظاته وبات مؤيداً لتسلم منصوري مهمات الحاكم بالوكالة.
وقد ابلغت اوساط عين التينة الى “اخباركم اخبارنا” انه، من اجل وضع الأمور في نصابها الطبيعي، ما يعنينا ان ولاية الحاكم الحالية ستنتهي في الموعد المبدئي، وانه بناء عليه سيخرج من مكتبه في مقر المصرف في الصنائع.
اضافت المصادر، ان عين التينة سبق وارسلت اشارات تنبيه وتحذير تنم “عن زهدنا بالأمر واننا لا نسعى له، ولكن بما انه لم يعد هناك من خيارات ومسارب قانونية الا ان يتسلم النائب الاول للحاكم صلاحيات الحاكم، فمعنى ذلك ان الأمر قد قضي”.
وما حرصت عين التينة على عدم الخوض فيه، فان مصادر على صلة بـ “حزب الله” تقول ان الكلام عن تعيين بديل لسلامة لا سبيل قانونياً لبلوغه، وصار المطلوب في ظل عجز حكومة تصريف الاعمال عن التعيين تطبيق المادة 25 من قانون النقد والتسليف، اي ان تنتقل صلاحيات الحاكم الى نائبه الاول لحين تعيين حاكم اصيل.
وثمة انطباع لدى تلك المصادر، جوهره ان منصوري قد بدأ يتعامل مع الأمر وكانه متحقق منه، لذا اتت زيارته الى واشنطن.