كتبت عايدة الأحمدية: شهد لبنان هذا العام مشهدين متناقضين خلال احتفالات عيد الأضحى المبارك. المشهد الأول عكس حالة الفقر والعوز التي يعاني منها العديد من الأسر اللبنانية، بينما المشهد الاخر ابرز الترف والبذخ لدى البعض الآخر.
في المشهد الأول، لم يتمكن العديد من العائلات اللبنانية من الاستمتاع بأجواء العيد كما اعتادوا في الماضي. ويعتبر العيد عادة فرصة للتجمع والاحتفال والفرحة، إلا أن القدرة الشرائية للكثيرين تراجعت بشكل كبير بسبب تدهور الاقتصاد وانخفاض قيمة العملة، وارتفاع معدلات البطالة. وبالتالي، أصبح الكثيرون غير قادرين على الاستمتاع بتلك التحضيرات والاحتفالات، وتحوّلت تقاليد العيد كجزء أساسي من المظاهر الاحتفالية إلى كماليات يمكن للعائلات تجاهلها. ومن أجل مواجهة الصعوبات المالية، اضطر البعض الى تقليل النشاطات الاجتماعية والتجمعات العائلية، مما أدى في النهاية إلى العزلة والانفصال عن المجتمع.
ومن بين الفئات الاجتماعية التي عانت في هذه المناسبة، نجد الموظفين في القطاع العام الذين لم تحول وزارة المال رواتبهم قبل العيد كما هو معتاد.
في المقابل، شهدت طرقات بيروت والمناطق ذات الطابع الإسلامي في لبنان مشهدية أخرى تماماً، حيث ازدحمت بالسيارات ونشطت الحركة التجارية بشكل لافت حيث نظمت المطاعم والنوادي الليلية برامج فنية وامتلأت المقاهي بالرواد، مما يجعل الناظر يعتقد أن لبنان بألف خير.
وهذه الحركة الناشطة في بلد منهار اقتصادياً، لها اسبابها، ولعل أبرزها اموال المغتربين التي لها الدور الفاعل في ذلك، اضف الى وصول عدد كبير من اللبنانيين من الخارج لقضاء العيد مع اقاربهم، والمفارقة انه قد يكون البعض الآخر قرر أن يعيش مناسبة العيد بترف حتى وإن استنفدت موارده المالية لبقية الشهر.
وفي المحصلة، ان جميع هذه العوامل تعكس حقيقة عدم المبالاة في البحث عن حلول للأزمة الاقتصادية الخانقة التي يواجهها لبنان وهو ما حذر منه بشكل قاس صندوق النقد الدولي في تقريره الاخير، والذي أكد ان تأخير عملية الاصلاح قد كلف المودعين عشرة مليارات دولار، وان جحم البطالة وصل الى الثلاثين في المئة، في الوقت الذي يبدو ان المسؤولين اللبنانيين لا يهتمون سوى بمصالحهم الشخصية ومناصبهم، غير آبهين بمعاناة الشعب.