كتب باسل عيد: بعد قرابة 3 اعوام على زلزال 4 آب، وبعد ما يقرب من 1095 يوماً على جريمة العصر الموصوفة، والفضيحة الأخلاقية المغمسة بدماء الأبرياء، المتمثلة باللامبالاة الرسمية وانعدام ضمائر مسؤولينا تجاه ثاني أقوى انفجار في تاريخ العالم الحديث، الذي أتى على ثلث عاصمة بساكنيها ومبانيها وشوارعها ومؤسساتها.. بعد هذا كله، لم يعد السؤال: أين أصبحت التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت، بل هل أن مصطلح العدل حقيقي وواقعي، وهل علينا أن ننتظر حساب الآخرة، لأنه بالفعل لا حساب ولا قصاص لأي مجرم في بلدنا وفي دنيانا؟
كل تلك السنوات مرت، ولم تجف دموع الثكالى على فقدان الاحبة، ولا هدأت قلوب اولئك الذين دفنوا أشلاء أحبتهم، التي مزقها الانفجار، فاستحالت قلوب من هم على قيد الحياة، ممزقة بدورها، وهم يتذكرون أجساداً كانوا يحضنونها، اصبحت بلحظة سوداء ذكرى أليمة من الماضي.
“العدل أساس الملك”. هي عبارة لطالما نراها مكتوبة بالخط العريض على أقواس المحاكم. لكن عندما لا يتم تطبيقها، وتبقى شعاراً، تصبح بلا معنى ومحل سخرية، خاصة في بلد يحق فيه للمجرم ما لا يحق لغيره.
بعد ثلاث سنوات من الفاجعة الكبرى، ربما لن نسأل أين أصبح التحقيق في تفجير المرفأ، بل أين أصبح الملف، والى متى ستظل جراح اهالي الضحايا تنزف من دون ان تندمل، بعد ان تركوا لوحدهم في وجه جبروت من مزقوا أجساد أبنائهم.
وفي هذا الاطار، قال رئيس “حركة التغيير” المحامي ايلي محفوض الى موقعنا “اخباركم اخبارنا”، رداً على سؤال عن المذكرة التي وقعها 36 نائباً لبنانياً لتقديمها الى “مجلس حقوق الانسان” التابع للأمم المتحدة لطلب الدعم الدولي بالتحقيقات في انفجار 4 آب، انه “طالما ان الاجهزة اللبنانية تستنكف عن القيام بواجباتها في ملف انفجار المرفأ، فنحن معنيون مباشرة بتحريك هذا الملف بشتى الوسائل وبكل الطرق الممكنة”.
ورأى ان “عدّة العمل داخل المؤسسات اللبنانية اصبحت من دون جدوى”، محذراً من اننا اذا استمرينا على هذا المنوال، “فنحن ذاهبون نحو دفن ملف المرفأ”.
واعتبر محفوض ان المعارك والاشكالات التي تسبب بها “حزب الله” في عين الرمانة وغيرها من المناطق، “دليل على ان هذا الفريق يستميت ليمنع صدور القرار الظني، وبالتالي صدور حكم المحكمة في لبنان، وهذا ما حصل على خلفية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري”.
وقال: حسنا فعلنا في قضية الحريري بأننا ذهبنا باتجاه قضاء دولي، وما يهمنا انه بالرغم من عدم تمكننا من إلقاء القبض على من صدر الحكم بحقهم، لكن، وبشكل تاريخي، اصبح معنا مستند موقع وممهور من اعلى مرجعية قضائية في العالم تدين عناصر تنتمي الى ميليشيا حزب الله باغتيال رفيق الحريري.
واستطرد قائلاً: الامين العام لحزب الله حسن نصرالله، وبعد الحديث معه عن تسوية تعتبر هؤلاء العناصر بانهم عناصر غير منضبطة قال انه لا توجد عناصر غير منضبطة في الحزب وان الكل منضبط، ولا تقع شعرة منهم الا بإذنه.
وتابع: كل حركة يقوم بها النواب او غير النواب لتفعيل ملف انفجار 4 آب، هي حركة تستحق الدعم والمباركة والسير بها، مذكراً بالاغتيالات التي حصلت على خلفية هذا الملف، من اغتيال عدد من الضباط المتقاعدين وموظف المصرف والمصور وبأن ملفاتهم اصبحت فارغة ومنسية. داعياً للدفع باتجاه اعلاء شأن ملف المرفأ، الذي سقط فيه أكثر من عشرة الاف ضحية بين قتيل وجريح ومعوق، في كل الأروقة الدولية، ومشدداً على ضرورة “إبقاء هذه القضية حية لا تموت بشتى الوسائل”.
وعن سبب صمت القاضي طارق البيطار، اشار محفوض الى ان القاضي عادة “لا يصرح ولا يصدر بيانات، وان سلاحه الوحيد هو قلمه، وميزان العدل سيفه. لذلك ليس المطلوب من البيطار ان يدلي بتصاريح ولا ان يعبر”. وتابع: “تم تكبيل يدي القاضي البيطار بالعمل الذي يقوم به، وهو حتى اللحظة صامد ولم يستسلم ولم يتراجع”.
وعما اذا كانت وجهت تهديدات للبيطار، قال محفوض: من يتسبب بمعارك عين الرمانة وغيرها يمكن ان يفعل اكثر من ذلك، فأحد عناصر الميليشيا دخل الى الضابطة العدلية وهدد القاضي، وهذا الامر لمسناه وسمعناه ونحن لا ننظر بالموضوع، مستغربا كيف انه “لم يتم حينها تسطير استنابة في حق هذا العنصر بعد تهديد قاض يقوم بواجباته”.
ورداً على سؤال عن آخر معطيات التحقيق في ملف انفجار 4 آب، أوضح انه “سبق ان تقدم والنائب السابق ادي ابي اللمع بأكثر من شكوى ومراجعة وإخبار امام القضاء اللبناني، وآخرها المعطيات التي برزت حول تورط فريق مقرب جدا من الحلقة الضيقة لبشار الأسد بامتلاكهم لمواد النيترات”، مؤكداً ان المعطيات موجودة في الملف، وستظهر متى افرج عن العمل الذي يجب ان يقوم به القاضي البيطار، والذي كان على مقربة شديدة جداً من إصدار القرار الظني”.
وشدد محفوض على ضرورة تنفيذ مذكرات التوقيف الغيابية الصادرة بحق عدد من الوزراء والنواب، مستغرباً كيف انه “وبكل وقاحة جرى ترشيحهم للانتخابات النيابية، وبأنهم يسافرون بكل حرية من دون توقيفهم”.
ورداً على سؤال حول عدم تحرك أهالي المناطق التي تعرضت بشكل مباشر للدمار بفعل انفجار المرفأ وصمتهم، منذ ما بعد وقوعه وحتى اليوم، علماً ان تلك المناطق تضم مئات الالاف من السكان الذين لو تحركوا لقلبوا الطاولة، قال محفوض:
أكبر شعبية في لبنان هي لدى التيارات الفاسدة، وهذا الشعب هو نفسه من أوصل هذا الطاقم السياسي الى الحكم، ولا أحد منهم يستوعب بأن التغيير يتم بيدهم وليس بأيد أخرى، ليس بيد السعودية ولا ايران ولا اميركا.
وتابع: هذا الشعب الذي تضررت أملاكه وسقط في صفوفه ضحايا، قبل بما حصل، ومن لم ينزل الى الشارع للاعتراض هو ملام. أما اهالي الضحايا الذين حتى اليوم لا يزالون يتابعون قضية ابنائهم تحت المطر وتحت اشعة الشمس، تم توقيفهم واستجوابهم واعتقالهم.
وأكد على انه “طالما هناك صوت في الغابة اللبنانية، حيث الوحوش الكاسرة تأكل النعاج، فهذه القضية لن تموت. اما بالنسبة لبقية المتضررين، فمن الممكن ان تكون حساباتهم في مكان آخر ومعظمهم ينتمي الى الطاقم السياسي، مستشهداً بقول لفيلون الجبيلي منذ ايام الفينيقيين “ما منقدر إلا نقدر”.
نون
من جهته، كشف الناشط وليام نون في حديث لموقعنا، ان هناك مذكرة جديدة ستقدم للامم المتحدة وقع عليها حتى الآن 67 نائبا، وبأنهم تلقوا وعداً من “دار الفتوى” بأنها ستحصل على تواقيع النواب السنة المستقلين.
اما في موضوع التحقيقات، فأشار الى قرب انعقاد جلسة المحكمة برئاسة القاضي حبيب رزق الله للبت في ملفي القاضيين عويدات والبيطار، مشدداً على اهمية البت بهذا الخلاف.
وأمل نون بمشاركة جميع المتضررين من انفجار المرفأ في تحركات اهالي الضحايا. وكشف انهم يعملون بشكل جدي لتكون هناك مشاركة كثيفة في الذكرى الثالثة على انفجار 4 آب، داعياً اللبنانيين للمشاركة فيه بكثافة.