الأربعاء, مارس 26, 2025
23.4 C
Beirut

ايران تطل على القارة السمراء من ثلاث بوابات فهل ستنجح في “اختراقها” حيث عجزت سابقاً؟

نشرت في

بعد قطيعة استمرت سنوات حسب تقديرات خبراء، تطل ايران رسمياً على القارة السمراء من بوابة ثلاث دول لها شأنها الجغرافي والاقتصادي، هي كينيا واوغندا وزيمبابوي، في محاولة لاعادة وصل ما انقطع واحياء لحلم قديم عمره من عمر الثورة الاسلامية الايرانية في اواخر عقد السبعينات من القرن الماضي. من دون مقدمات، تكشف طهران عن ان رئيسها السيد ابراهيم رئيسي قد انطلق في جولة افريقية تشمل ثلاث عواصم واعدة.

 واللافت هو ما اعلنه الاعلام الايراني نفسه غداة الزيارة حول ان الرئيس الايراني قد اصطحب في جولته تلك وفداً ضخماً من اكثر من مئة شخصية بينهم وزراء ومسؤولون وخبراء في قطاعات الصحة والتعليم والاقتصاد والزراعة والبحث العلمي والتعاون الاجتماعي. وهو ما عنى للراصدين ان  الحكم في طهران قد قرر ان يدخل الى عمق هذه القارة التي تتسابق الدول النامية والكبرى عليها بضراوة، من بوابات العلاقات التجارية والتعاون الثقافي والبحث العلمي وتبادل الخبرات، مما يدل استتباعاً على ان طهران الساعية بدأب الى ان يعترف الآخرون بدورها الاقليمي، والساعية ايضاً بجد الى تحسين صورتها في العالم قاطبة وتقديم نفسها ليس على اساس انها دولة همها انها تكرس كل جهودها لنشر مشروعها الأيديولوجي القائم على نظرية دينية معينة هي نظرية ولاية الفقيه. بل انها تلج الى القارة السمراء من منطلق حضاري ومتطور ومقبول بل ومطلوب، اذ انها  تفد الى القارة الافريقية من بوابتين مهمتين:

الاولى انها دولة اقليمية متطورة ومعترف بمكانتها ودورها وقوتها، خصوصاً بعد تصالحها مع السعودية في بكين ما يعد بطي صفحة من التوتر والاحتقان يمتد الى اكثر من اربعة عقود وكانت له محطات تصادمية.

 والثانية من بوابة الافصاح عن رغبتها في اقامة علاقات اقتصادية بينية كونها باتت دولة متطورة وذات امكانات وقدرات.

المعلوم تاريخياً ان العين الايرانية في النظام الاسلامي كانت دوماً مصوبة نحو القارة السمراء ترمقها بعين الرغبة في ولوجها والتمدد في شعوبها وقبائلها وانظمتها.

 وهي بالفعل سجلت نجاحاً مبدئياً من خلال علاقاتها المتطورة مع ليبيا معمر القذافي في مطالع الثمانينات  ثم مع السودان في عهد رئاسة عمر البشير، وفي ظل دور الزعيم والمفكر الاسلامي الراحل حسن الترابي في اواسط عقد التسعينات.

 ووفق تقديرات  خبراء، فان طهران نجحت في ذلك الحين في اقامة قواعد ارتكاز لها في كلا الدولتين كمقدمة لولوج اوسع في عمق تلك القارة ونسيجها الاجتماعي والديني.

 ولكن تلك الصورة الواعدة ما لبثت ان انقلبت راساً  على عقب عندما حكم القذافي لاعوام عدة، ومن ثم عندما اطاحت به وبحكمه  ثورة مدعومة من الخارج، وعندما بدل عمر البشير في السودان من توجهاته السياسية مسارعا الى “تطيير” داعمه الاسلامي القوي حسن البشير وارساله الى خلف  قضبان السجن الذي اعتاد لسنوات عدة ان يكون في غيابه. واستكمالا لانقلابه هذا، سارع البشير الى طرد كل ما له صلة بالوجود الايراني في الخرطوم واقفل كل المراكز الثقافية والدينية والتبشيرية، علماً ان طهران  مدت يد الدعم لنظام البير من خلال اقامتها لمشاريع انمائية وبنى تحتية في ذلك القطر العربي المتقلب سياسياً.

 وثمة بطبيعة الحال، معطيات ووقائع موضوعية لم تكن متوفرة سابقا، تشجع الجانب الايراني على المضي في هذه المغامرة  والسير بتلك الاندفاعة نحو القارة السمراء. فالمعلوم انه بعد تقلص النفوذ الفرنسي التاريخي في تلك القارة، والذي ادى الى خروجها العلني من دول افريقية كانت توصف في السابق بانها معاقل نفوذها وحضورها واخرها الدولة الافقر اي مالي، انفتحت شهية دول اخرى وجدت فرصتها الذهبية للولوج الى هذه القارة والسعي لملء الفراغات الناجمة عن جلاء النفوذ الاستعماري.

 وعليه، كانت طهران الدولة الثالثة التي تفصح عن رغباتها تلك بعد الصين التي امنت انتشاراً وحضوراً اقتصادياً بعد روسيا التي اعلنت بكل وقاحة انها ارسلت طلائع محسوبة عليها كرأس جسر لها لاحقاً في محاولة واضحة لوراثة النفوذ والدور فيها انطلاقاً من مقولة ان انظمتها ونخبها الحاكمة اعجز من تدير شؤون هذه القارة التي تتفجر مجتمعاتها بالحروب الداخلية دوماً، واخر مثال هو ما جرى في السودان نفسه الذي يشهد حرباً اهلية بعيدة عن الاضواء.

 وبمعنى آخر تبدو ايران كسواها، من الدول الساعية الى ادوار اقليمية تطمح الى ان تصيرادواراً  عالمية، تبحث بجد عن موطىء قدم في هذه القارة التي ما زالت غنية بمواردها رغم عقود بل قرون من النهب المنظم والاستغلال الاستعماري لخيراتها ومواردها الاولى.

 يمكن القول ان ايران انطلقت في مغامرتها نحو تلك القارة، لكن السؤال يبقى هل سيكتب لها النجاح هذه المرة حيث اخفقت في مرات سابقة؟

حسب خبراء في الشأن الايراني في بيروت، فان المسؤولين الايرانيين على ثقة كبرى بأن امال بلادهم هذه المرة لن تخيب. ووفق تقديرات هؤلاء ان طهران تتحدث بثقة عن ان الظروف التي منعتها والتي حالت  في السابق وتحديدا في عقدي الثمانينات والتسعينات من دخولها الى تلك القارة، قد تبدلت تماماً لتحل محلها عوامل مساعدة ولعل ابرزها تآكل دور القوى الاستعمارية التي كانت تستأثر بتلك القارة.

وتقول التقديرات الايرانية ان قيمة التبادل التجاري بين ايران والسوق الافريقية هي حاليا بحدود ال600 مليار دولار. وتفصح ايران أنها تسعى الى مضاعفة هذا الرقم مئة بالمئة خلال اعوام قليلة.  

شارك الخبر:

اضغط على مواقع التواصل ادناه لتتلقى كل اخبارنا

آخر الأخبار

نواب يطعنون بمشروع الموازنة أمام المجلس الدستوري

أخباركم ـ أخبارنا قدم النواب: بولا يعقوبيان، ملحم خلف، نجاة عون صليبا، فراس...

كريم سعَيد ينقضّ كالصقر باحثاً عن المخبوء في تاريخ لبنان!

أخباركم - أخبارنا/ إيلي الحاج قرأت بفرح كتاب كريم أنطون سعَيد "الانتقال من النظام المقاطعجي...

اجتماع وزيري الدفاع السوري واللبناني سيعقد في جدة غدا

أخباركم ـ أخبارنا ذكرت معلومات أن الاجتماع الذي كان مقررا عقده اليوم في...

التماس هلال العيد السبت ودريان يكلف الكردي بالخطبة

أخباركم ـ أخبارنا أعلنت ​دار الفتوى​ في بيان، أنّه "يجري التماس هلال شهر...

More like this

السلام الحقّ: المسعى الأول والأخير

أخباركم - أخبارنا/ توفيق الشعار أعجب من كل دعوات الرفض القاطع للسلام بين البشر …...

تصعيد دموي على الحدود وتأجيل زيارة رسمية .. لبنان وسوريا أمام لحظة حاسمة للتعاون أو الانفجار!

أخباركم - أخبارنا/ مسعود محمد 🔵 تأجيل زيارة رسمية في توقيت حساسبناءً على طلب...

نقاش ساخن اليوم في اللجان النيابية حول تعديل قانون الانتخاب وإنشاء مجلس الشيوخ

أخباركم - أخبارنا/ عايدة الأحمدية يحضر قانون الانتخابات النيابية في ساحة النجمة، حيث يشهد...