الأربعاء, مارس 26, 2025
23.4 C
Beirut

لبنان في مواجهة أسوأ أزمة اقتصادية، والمردود السياحي يواجه الانهيار ولا يمنعه!

نشرت في

كتبت عايدة الاحمدية: في ظل واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية، يقف لبنان أمام سيناريوهات متعددة لحجم الانهيار الاقتصادي المنتظر مع انتهاء الموسم السياحي الذي قد يكون ساهم في تأجيل الأزمة وليس منعها.

على الرغم من اعتبار الحركة السياحية في لبنان هذا الصيف إشارة إيجابية للاقتصاد، بحيث ساهمت في توفير فرص عمل وساهمت بإدخال العملة الصعبة وزيادة الإيرادات النقدية وتنشيط قطاعات كافة، إلا أن هذا المؤشر لا يمكن الاعتماد عليه. فالسياحة وحدها لا تكفي لوقف التدهور، كما أن التعويل عليها يتطلب استدامة الاستقرار والنمو، وتطوير وتأمين الخدمات وتحسين البنى التحتية، وهذا غير متوفر في ظل تمدد الفراغ في المؤسسات وعدم الشروع في الإصلاحات ومواصلة سياسة الهدر المشهود والفساد المستشري، المترافق مع انقسامات سياسية وواقع أمني متفلت يتراوح بين التصعيد على الحدود الجنوبية واشكالات متنقلة بين العديد من المناطق وفي بعض البؤر الأمنية، إضافة إلى حوادث السطو والتشليح التي زادت بشكل لافت.

وسط هذه الأجواء القاتمة، يعيش الناس في قلق وخوف دائم على مستقبلهم ومستقبل أولادهم، وما يزيد هذا الخوف هو الأزمات الحياتية المتزايدة، بدءًا من أزمة الرغيف التي تطل برأسها بين الحين والآخر، مرورًا بتفلت الأسعار وغياب الرقابة والتلاعب بسعر صرف الدولار وارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات، صولاً إلى الأمن الغذائي والصحي ومستقبل التعليم، ناهيك عن غياب الرعاية، باستثناء برامج المساعدة الاجتماعية الهزيلة، الممولة جزئيًا من البنك الدولي، والتي تستهدف بشكل ضيق للغاية الأسر التي تعيش في فقر مدقع، ما يترك شرائح كبيرة من السكان معرضين للعوز والعجز عن تأمين أبسط مقومات الحياة ولا سيما الأدوية والعلاج. إذ لم يعد بإمكان كثير من العائلات الحصول على الرعاية الصحية الأولية، إضافة إلى شح الدواء وارتفاع أسعاره، فضلاً عن أزمة دخول المستشفيات التي تعاني بدورها من نقص في طاقمها الصحي وإمدادات الأدوية والمعدات الطبية وشح الكهرباء.

والكهرباء لديها قصة طويلة، فهذا القطاع الذي استنزف من خزينة الدولة أكثر من أربعين مليار دولار، بالكاد يوفر أربع ساعات تغذية للبنانيين، ويزاد الطين بلة بفواتير الكهرباء الصادمة التي فاقت فواتير المولدات. وقد انعكس التقنين وشح الكهرباء على خدمات أخرى لا سيما الاتصالات، وخدمة الانترنت التي يدفع فيها الشعب اللبناني أعلى فاتورة لأسوأ خدمة، علماً بأن الإنترنت أصبح عماداً لكافة القطاعات ولا سيما قطاع التربية والتعلم الذي يعاني بدوره من أزمات كارثية أخرى، أهمها عدم قدرة وزارة التربية على مواكبة الأزمة الاقتصادية، حيث حذر وزير التربية عباس الحلبي من عدم فتح المدارس الرسمية في العام المقبل إذا لم يتم تأمين التمويل اللازم. فهل يعقل أن يصبح طلاب لبنان خارج المدارس والجامعات بعد أن كان يعرف بلدهم بأنه جامعة العرب؟ وفي حال تحقق تحذير وزير التربية، فإن البلاد ستقع في كارثة تربوية ستنعكس على مستوى التعليم لسنوات عدة وتحرم مجموعة كبيرة من أبناء لبنان من حق التعليم وهو ما كفله لإعلان العالمي لحقوق الإنسان، اذ ان المدارس الرسمية تشكل ملاذا لشريحة كبيرة من ابناء الأسر الفقيرة والمتوسطة التي اضطرت بفعل دولرة الأقساط وحجز ودائعها إلى تعليم أبنائها في تلك المدارس. فهل ستغلق المدارس لتفتح السجون علماً بأن السجون لم تعد تتسع أيضاً، وهذه معضلة أخرى.

في الحقيقة، يمكن أن يفرد للتداعيات الاقتصادية مجلدات كثيرة، ولكن ما نريد إلقاء الضوء عليه هو أن التعويل على أموال المغتربين وقدوم بعض السياح وقروض من هنا ومساعدات من هناك لا يمكن أن يحل أزمة بعمق الأزمة اللبنانية. فالأمر يتطلب أولاً صحوة ضمير وإرادة صادقة لإنقاذ البلد ووضع خطة إنقاذ تأخذ في الاعتبار تنوع مصادر الدخل الوطني، وهذا ليس بالأمر المستحيل والأمثلة كثيرة على ذلك. فالسويد أيضًا كانت من الدول الأشد فقراً في أوروبا، وقد أصبحت من بين الاقتصادات الأكثر تطورًا، وبنت أشمل نظام للحماية الاجتماعية. ونذكر حالة تايوان وهي جزيرة صغيرة كانت في عداد البلاد الأكثر فقراً، ومجتمعها كان مجتمعًا ريفيًا صرفًا، وقد أصبحت اليوم من عمالقة صناعة الإلكترونيات في العالم.

بالتأكيد، لبنان لديه إمكانات كبيرة وموارد بشرية مميزة، وإذا تم استغلالها بشكل صحيح وتحت إدارة جيدة، فإنه يمكن أن يتجاوز هذا الوضع ويبني مستقبلاً أفضل للجميع. لكن كما سبق وأشرنا، يتطلب ذلك إرادة صادقة وجهودًا جماعية من جميع الأطراف المعنية، بدءًا من الحكومة وانتهاءً بالمواطنين العاديين، وقد يكون الطريق صعبًا ومليئًا بالتحديات، ولكن يجب على الجميع أن يتحدوا ويضعوا مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.

شارك الخبر:

اضغط على مواقع التواصل ادناه لتتلقى كل اخبارنا

آخر الأخبار

التماس هلال العيد السبت ودريان يكلف الكردي بالخطبة

أخباركم ـ أخبارنا أعلنت ​دار الفتوى​ في بيان، أنّه "يجري التماس هلال شهر...

مخطط إسرائيلي لتهجير غزاويين إلى أندونيسيا

أخباركم ـ أخبارنا تخطط اسرائيل لتهجير 100 مواطن من قطاع غزة الى اندونيسيا...

أحمد الحريري: المناصفة في بلدية بيروت وصية رفيق

أخباركم ـ أخبارنا تعليقًا على الانتخابات البلدية في ​بيروت​، أكّد الأمين العام لتيّار...

سلام : الإصلاح يحتاج إلى وقت ولا أحد يريد التطبيع

أخباركم ـ أخبارنا أكد رئيس الحكومة نواف سلام، أن "الضغط الدولي والعربي الدبلوماسي...

More like this

السلام الحقّ: المسعى الأول والأخير

أخباركم - أخبارنا/ توفيق الشعار أعجب من كل دعوات الرفض القاطع للسلام بين البشر …...

تصعيد دموي على الحدود وتأجيل زيارة رسمية .. لبنان وسوريا أمام لحظة حاسمة للتعاون أو الانفجار!

أخباركم - أخبارنا/ مسعود محمد 🔵 تأجيل زيارة رسمية في توقيت حساسبناءً على طلب...

نقاش ساخن اليوم في اللجان النيابية حول تعديل قانون الانتخاب وإنشاء مجلس الشيوخ

أخباركم - أخبارنا/ عايدة الأحمدية يحضر قانون الانتخابات النيابية في ساحة النجمة، حيث يشهد...