الأربعاء, يناير 22, 2025
18.4 C
Beirut

معركة حريات مفتوحة بين الـ”ام تي في” و(ا ل ح ز ب) أبعد من الكحالة!

نشرت في

كتب جورج حايك:

تخوض الـ”ام تي في” معركة حريات اعلامية ووطنية ضد ممارسات (ا ل ح ز ب) الجائرة، وخصوصاً بعد حادثة الكحالة التي أظهرت هوّة بين مسار (ا ل ح ز ب) الغارق بسلوك ميليشياوي مسلّح، والشعب الناقم على السلاح المتفلّت والفوضى الأمنية التي ينشرها (ا ل ح ز ب) في كل مكان. فما هي تفاصيل هذه المعركة؟

صبّ الأمين العام لـ(ا ل ح ز ب) حسن نصرالله جام غضبه على تلفزيون الـ”ام تي في” على خلفية حادثة الكحالة التي وقعت الأسبوع الفائت، وأسفرت عن سقوط قتيلين هما فادي بجاني من الكحالة واحمد قصاص من عناصر (ا ل ح ز ب).

حتماً نصرالله اعتبر ان الـ”ام تي في”  تلفزيون خبيث بدأ التحريض والتجييش، واستجاب له بعض ‏الذين رموا الحجارة وحملوا السلاح، لكن الـ”ام تي في” ردت الصاع صاعين في نشرتها الإخبارية وبرهنت بالوقائع أن الشاحنة تدهورت، والتوترَ اشتد بين الأهالي ومسلّحي حزبِ الله قبل أن ترسل ال “ام تي في” الخبرَ العاجل الاول عند الساعة 6 و47 دقيقة. كما لم يصل مراسل القناة إلى مسرح الحادثة، ولم يُطلّ برسالته المباشرة الأولى إلا عند الدقيقة 7 و 49 دقيقة، أي بعد سقوطِ فادي بجاني وأحمد قصاص. علماً أن المراسل نفسه أصرَّ على عدم ذكرِ سقوطِ قتيلَين، حتى خرق أحد أبناء الكحالة الصمت حول الموضوع وأعلن أنَّ فادي بجاني قُتل، وذلك عند الساعة 8 و26 دقيقة. فهل تكون الـ”ام تي في” هي من سفك الدماء، أم الذين بدأوا بإطلاق الرصاص في الكحالة، أي عناصرُ مواكبةِ الشاحنة، وهم من (ا ل ح ز ب)؟

في الواقع، اختار نصرالله الهروب إلى الأمام، ورأى ان أقل كلفة يمكن أن يدفعها هي عبر تحميل الـ”ام تي في” مسؤولية الجريمة في منطق يجافي الحقيقة، وخصوصاً عندما أدرك ان الشهيد بجاني الذي أطلق الرصاص ينتمي إلى حزب الوعد، وهو حزب قريب من حليفه الاستراتيجي الرئيس السابق ميشال عون، إضافة إلى ان “القوات اللبنانية” و”الكتائب” لم يتورطا في الحادثة، لذلك انبرى نصرالله إلى مهاجمة الـ”ام تي في” معتبراً أنه يستطيع استضعافها وعزلها ثم الإنقضاض عليها من خلال التهديد والوعيد، وفرصة للإقتصاص منها لأنها دأبت على فضح أعمال (ا ل ح ز ب)، علماً أن الـ”ام تي في” لا تفعل سوى نقل الحقيقة بموضوعية وهذا واجبها، وليس سراً أن نصرالله وحزبه لا يؤمنان بالإعلام الحر، ومن يتابع تلفزيون “المنار” وكل وسائل إعلام (ا ل ح ز ب) يعلم أنها لا تستضيف سوى من يدور في فلك الممانعة، ولا تسمح بالرأي الآخر على منابرها، فيما الـ”ام تي في”، تقوم بواجبها الإعلامي وتفتح استوديوهاتها في كل برامجها لشخصيات اعلامية وسياسية تدور في فلك “ا ل ح ز ب”، وخصوصاً في برنامج “صار الوقت”، وهذا يعكس ثقة بالنفس ومهنية عالية تكذّب كل ادعاءات نصرالله وحزبه وجيشه الالكتروني.

لو كان نصرالله يؤمن بالدولة وواثق من الاتهامات التي يكيلها لـ”ام تي في” لذهب إلى القضاء، لكن وقائع حادثة الكحالة تثبت ان مسار الأمور لم يكن لمصلحته، والشعب لا يحتاج إلى تحريض على “مقاومة” مذهبية فئوية مسلّحة خربت بيته ومعيشته ومؤسسات الدولة وتكاد تغيّر وجه لبنان الحضاري، ويبدو أن نصرالله مستمر في حالة الإنكار للرفض الشعبي لحزبه وسلوكه السياسي والعسكري الذي جرّ الويلات على لبنان.

لكن الـ”ام تي في” ليست وحدها، إذ تضامنت معها أكثرية الأحزاب السيادية، من “القوات” مروراً بـ”الكتائب” وصولاً إلى شخصيات سيادية مستقلة، وأكثرية الشعب اللبناني الذي يقدّس الحرية ويعتبرها من قيمه الأساسية التي لا يجوز المسّ بها. واللافت ان شجاعة الـ”ام تي في” وكسرها لحاجز الخوف، دفعها إلى المزيد من المواجهة مع (ا ل ح ز ب)، وهي وعدته بالإستمرار في قول الحقيقة مهما كان الثمن، وحمّلته مسؤولية أي أذى تتعرض له مع العاملين فيها.

خصومة (ا ل ح ز ب) مع الإعلام الحر، ورثها عن النظام السوري الذي قمع في مرحلة الوصاية من خلال النظام الأمني اللبناني السوري محطة الـ”ام تي في” التي كانت منبراً حراً للمعارضة اللبنانية ضد استبداد الاحتلال، مما أدى إلى اقفالها في 4 أيلول 2002، لتعود بعد 7 أعوام وتتابع صراعها مع استبداد جديد يجسّده (ا ل ح ز ب) اليوم.

وضيق صدر (ا ل ح ز ب) من الحريات الإعلامية ليس ضد الـ”ام تي في” فقط، بل طاول “أل بي سي أي” أيضاً عندما عرضت منذ فترة محتوى فقرة “تعلم اللغة الشيعية” ضمن البرنامج الكوميدي الساخر “تعا قلو بيزعل” على شاشتها، وهو من إعداد محمد الدايخ وحسين قاووق، الممثلين الرئيسين في البرنامج، مما أشعل وسائل التواصل رداً وانتقاداً وتهديداً لهما من قبل أنصار (ا ل ح ز ب) الذين اتّهموهما بالإساءة إلى المقدسات الشيعية عبر القسم كذباً بقسم “والحسين”، كما اتهما بتنميط الطائفة وتعميم لغة “المارقين” في الأحياء على الطائفة الشيعية.

وفي كانون الثاني 2021 انتقد نصر الله وسائل الإعلام التي حمّلت (ا ل ح ز ب) مسؤولية انفجار المرفأ واتهمته بتجارة المخدرات. كما يستغل كل مناسبة ليتطرق إلى موضوع الإعلام اللبناني من خلال توجيه جملة اتهامات، من سياسة التمويل الخارجي إلى العمل ضمن أجندة غربية لمحاصرة (ا ل ح ز ب).

وبعد واقعة اغتيال الناشط السياسي والباحث لقمان سليم المعروف بمعارضته لـ(ا ل ح ز ب) توجهت أصابع الاتهام في عدد من الوسائل الإعلامية إلى (ا ل ح ز ب) مجدداً، لا سيما أن سليم كان قد حمل مسؤولية سلامته الشخصية لشخص نصرالله في بيان إعلامي وزعه حينها عقب تهديده واقتحام منزله من قبل أنصار (ا ل ح ز ب)، ولصق منشورات على جدران المنزل تدعو إلى قتله.

فما كان من (ا ل ح ز ب) إلا أن أطلق حملات إعلامية في الصحف والقنوات المحسوبة عليه ومعها الجيوش الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي لتهاجم وتخوّن وتتوعد الوسائل الإعلامية والإعلاميين. 

وشهدت السنوات الماضية مواجهات واعتداءات من قبل (ا ل ح ز ب) وجمهوره على الإعلام، إذ قطعت الطرق وقامت أعمال الشغب بسبب تقليد ساخر لشخصية نصرالله في برنامج كوميدي على قناة “ال بي سي”، ليتكرر الأمر نفسه وللسبب ذاته عام 2013. 

ويُتهم أنصار (ا ل ح ز ب) بالمحاولة لإحراق مبنى قناة “الجديد” اعتراضاً على انتقادات وجهت اليه، في حين ذكرت وسائل الإعلام اللبنانية أن أحد عناصره أقدم في مرحلة سابقة على إحراق مبنى قناة وصحيفة “المستقبل” التابعة لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري خلال أحداث 7 أيار. 

كذلك تُتهم مجموعات من أنصار (ا ل ح ز ب) باقتحام مكاتب صحيفة “الشرق الأوسط” في بيروت بحجة رسم كاريكاتوري، إضافة إلى لائحة طويلة من الاعتداءات على المراسلين والصحافيين في الشارع وبخاصة خلال انتفاضة الـ 17 تشرين، لكن عندما تذهب كمراسل إلى المناطق الخاضعة لنفوذ (ا ل ح ز ب) يجب عليك الحصول على إذن خاص من الأمن التابع له عند تسجيل أي حوار أو تقرير أو التقاط للصور، كما بات معلوماً.

علماً ان المادة الـ (13) من الدستور اللبناني تنص على “حرية إبداء الرأي قولاً وكتابة وحرية الطباعة وحرية الاجتماع وحرية تأليف الجمعيات، كلها مكفولة ضمن دائرة القانون”، لكن في دستور (ا ل ح ز ب) لا قيمة للدستور اللبناني ولا للحرية ولا للإعلام، فأهلاً وسهلاً بدولة (ا ل ح ز ب) الديكتاتورية!

لذلك لا يمكن إلا التضامن مع الـ “ام تي في” التي باتت رمزاً للنضال من أجل الحريات الإعلامية في زمن القمع والحقد على صورة لبنان الحضاري الذي عُرِفَ بالحرية ومنارة الشرق.

شارك الخبر:

اضغط على مواقع التواصل ادناه لتتلقى كل اخبارنا

آخر الأخبار

خواجة: حقيبة المالية حُسمت لصالح الثنائي الشيعي

أخباركم -أخبارناأكد عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب محمد خواجة، أنّ "حقيبة وزارة المالية حُسمت...

قوة من الجيش الى جانين ومسيرة تغير على أحد السهول!

أخباركم - أخبارنا تقرير لبنان الميداني أخباركم ــــ أخبارنا تتحضر قوة من الجيش...

كركي أصدر مجموعة إنذارات وفسخ عقود مع كبريات المستشفيات في لبنان

أخباركم - أخبارناأعلنت مديرية العلاقات العامة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في بيان، انه...

مقايضة بين مركز حاكم المصرف المركزي ومدير عام الامن العام!

أخباركم - أخبارنا يجري التداول همساً بمعلومات مفادها ان مراجع كبرى وأخرى دولية تفضل...

More like this

قصير لموقعنا: المشاورات الحكومية مستمرة وحتى الان لم تحسم بشكل نهائي

أخباركم - أخبارنا/ عايدة الأحمدية تشهد الساحة السياسية اللبنانية حراكاً متسارعاً في إطار مساعي...

من له مصلحة في عرقلة ولادة الحكومة الأولى للعهد الرئاسي الجديد؟

كتب إبراهيم بيرم لـ"أخباركم-أخبارنا" لماذا تأخرت ولادة الحكومة الأولى في العهد الرئاسي الجديد في لبنان؟...

لبنان بين “نظرية الحصان الميت” وضرورات التغيير: شخصيات مستقلة تحمل الأمل .. من لم يستطع انتشال جثث مقاتليه من تحت الركام لن يستطيع انتشال...

أخباركم - أخبارنا/ مسعود محمد في خضم الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعصف بلبنان، يظهر تشبيه...