كتب باسل عيد: رأى الصحافي داود رمال أنه وبعد إطلاعه على مضمون الرسالة الموجهة من الموفد الرئاسي الفرنسي الى لبنان جان إيف لودريان الى النواب في المجلس النيابي اللبناني، والتي تضمنت سؤالين: الأول عن الملفات التي على رئيس الجمهورية المقبل أن يهتم فيها، والثاني حول من تنطبق عليه المواصفات الرئاسية للرئيس الذي سينفذ هذه الملفات والاصلاحات، بأن رسالة الموفد الفرنسي “تؤكد ان الإدارة الفرنسية للملف الرئاسي اللبناني عجزت عن تحضير جدول أعمال لحوار وطني، وبالتالي لجأت الى توجيه رسالة الى 128 نائباً في البرلمان لسؤالهم عن أي برنامج لحوار يريد ان يقوده لودريان ابتداء من 17 أيلول المقبل، وهو الموعد المرجح لدعوته لهكذا حوار”.
واعتبر رمال في حديث خاص الى موقع “أخباركم أخبارنا” بأن الادارة الفرنسية “لم تتمكن من خلال زيارتي لودريان الى بيروت من تحضير جدول اعمال تستطيع على اساسه جمع الافرقاء السياسيين اللبنانيين للاتفاق على خطة عمل للعهد الرئاسي المقبل، واسقاط هذه الخطة على شخصية ما قادرة على تنفيذها”.
وأكد رداً على سؤال عما اذا كانت مدة الفراغ ستطول، بأن هذا الفراغ “مقيم ويخشى ان يكون فراغاً مديداً، لأن الانقسام الحاد على المستوى الداخلي يقابله عدم اهتمام خارجي بالوضع اللبناني سواء الدول العربية او الاقليمية او العالمية المعنية بالملف اللبناني، كلها لديها أولويات اساسية ابرزها الحرب الاوكرانية وعودة الحرب الباردة الى معسكري الشرق والغرب من خلال محاولات حلف الناتو بضم المزيد من الدول الى تركيبته السياسية والعسكرية، ومحاولات روسيا لايجاد بدائل لما كان يسمى في السابق حلف وارسو”.
وتابع: “هذا الصراع العالمي الجديد الذي يترجم على الساحة الاوكرانية يجعل لبنان في آخر سلم الاولويات الداخلية”. معتبراً ان هذا الامر “يجب النظر اليه بإيجابية من ناحية انه اذا وجد في لبنان رجالات دولة يمتلكون العقل، يمكن استغلال هذا الظرف والاتفاق على رئيس للجمهورية والذهاب للبدء بخطة نهوض وتعاف حقيقية تنبع من ارادة وطنية جامعة لا يوجد فيها منطق للفرض او الاستقواء او الاستعلاء”.
وعن الاسماء المطروحة للرئاسة، المعلوم منها والمجهول، اشار رمال الى ان تلك الاسماء “متحركة، من ضمنها الوزير السابق سليمان فرنجية الذي هو مرشح اساسي ومرشح محور. الى جانب اسماء اخرى مطروحة بقوة”، كاشفاً ان المجتمع الدولي يريد رئيساً قادراً على الحوار والتحدث مع الجميع، رئيساً موحداً وليس طرفاً”.
وعن المبادرات العربية، تحديداً السعودية، قال: “المبادرات قائمة وموجودة، والاهتمام الخليجي، خصوصا السعودي، قائم وموجود. ولكن اذا لم يذهب اللبنانيون لمساعدة انفسهم فعلينا عدم انتظار الخارج ليأتي لكي يساعدنا”. وشدد على اهمية “ان نبرز الايجابية والقدرة, وان نشمر عن سواعدنا لبدء مسار جديد من الوفاق الوطني، عنوانه الاساسي استكمال تطبيق دستور الطائف المعلق تنفيذه في الكثير من البنود تحديدا ً البنود الاصلاحية”.
وتابع رمال: “نحن نبحث عن كل شيء، وهذا الشيء موجود في دستور الطائف. فلماذا لا نذهب سريعاً الى تطبيقه؟ اذا طبقنا الدستور ببنوده الاصلاحية منها اللامركزية الادارية الموسعة والمتزامنة مع الانماء المتوازن واعتماد قانون انتخابي خارج القيد الطائفي يعتمد الوحدات الادارية الجديدة دوائر انتخابية، ومن ثم انشاء مجلس الشيوخ الذي يطمئن العائلات الروحية في لبنان وصولاً الى تشكيل الهيئة الوطنية التي تدرس السبل الكفيلة بالغاء الطائفية السياسية، فاذا لم نطبق هذا كله، علينا ألا ننتظر من الخارج ان يتقدم ليساعدنا، تحديداً الدول الشقيقة التي اتعبها لبنان كثيراً وقدمت للبنان الكثير”.
ولفت رمال الى وجود “اتفاقيات موقعة واخرى جاهزة للتوقيع مع المملكة العربية السعودية، في الوقت الذي يحجم لبنان عن تنفيذها”. وسأل: قبل ان نطلب من المملكة مساعدتنا، هل بادرنا نحن الى تطبيق الاتفاقيات الموقعة والى توقيع المزيد من الاتفاقيات الجاهزة والموضوعة في أدراج السلطات اللبنانية؟
وعن امكانية عودة سعر الدولار للارتفاع في السوق السوداء بعد انتهاء الموسم السياحي، رأى ان شهر ايلول المقبل “هو السقف لامكانية الوصول الى توافق سياسي بين الفرقاء اللبنانيين برعاية الخماسية العربية والدولية، وان لودريان في زيارته السابقة ابلغ القيادات اللبنانية ان ايلول هو السقف لاعلان نجاح او فشل مبادرته، وبالتالي سيترك لبنان مجددا لكي يبحث عن من يهتم به لايجاد طريقة ما لحل ازمته السياسية التي هي الشرط الاساسي لبدء الحلول الاقتصادية والمالية”.
وابدى تخوفه من انه في حال استمر التأزم السياسي فإن امكانية السيطرة على سعر صرف الدولار “ستصبح ضعيفة وهشة، الا اذا كان القرار الخارجي الحفاظ على الستاتيكو الحالي لحين مجيء دور لبنان في التسوية”.
واعتبر في موضوع التعثر الرئاسي، ان اللبنانيين “تعودوا على اختراع الازمات وبيعها الى الخارج، بحيث يتدخل الاشقاء والاصدقاء ليقولوا لنا تفضلوا الى طاولة حوار كالطائف والدوحة، ويمول هذا الخارج الحل”، مؤكداً ان “الآن ليس هناك اي تمويل لأي حل، فزمن تمويل الحلول ولى والدول العربية، تحديداً الخليجية، تهتم بنمو ونهضة دولها ومجتمعاتها، ولننظر أين اصبحت المملكة العربية السعودية وفق خطة 2030″، مبدياً أسفه لأن لبنان “الذي كان في الطليعة اصبح متأخراً جداً”.
وعن إمكانية تفلت الوضع الأمني الداخلي خصوصا بعد حادثة الكحالة قال رمال، “كما انه لا يوجد ممول للحلول، لا يوجد ايضا ممول للحرب في لبنان”، مستبعدا “إعادة انتاج زمن العام 1975، وما من احد في لبنان في وارد خوض هذه التجربة الأليمة مجددا”.
واعتبر ان “الاحداث التي نشهدها ليست مترابطة، بل هي مستقلة ومنفصلة عن بعضها البعض، باستثناء احداث مخيم عين الحلوة الذي يرتبط بما حصل في نهر البارد وعدد من المخيمات الاخرى حيث هناك توجه خبيث له علاقة بتصفية القضية الفلسطينية وعلى رأسها حق العودة، لان تدمير مخيم عين الحلوة الذي يعد عاصمة الشتات وتهجير 90 الف لاجىء، يعني تذويبهم في المجتمع اللبناني تمهيدا لتوطينهم، وهو امر سيكون على حساب مستقبل الكيان اللبناني والتوازنات الديموغرافية لاسيما مع المخاوف من النزوح السوري”.
وختم: اذا ذهبنا الى العمق نعرف جيدا ان السبب الرئيسي للازمات التي نعيشها الآن هو اولا غياب الراعي الاقليمي الذي يطمئن الجماعات اللبنانية، والخلل في التوازن الديموغرافي الذي يجعل جماعة لبنانية تنظر بخوف شديد الى مستقبلها ودورها في القرار الوطني.