كتب ابراهيم بيرم لاخباركم اخبارنا: في أقل من اسبوع تولى ستة من نواب الحزب، التركيز بلسان صريح على منابر الاحتفالات التأبينية على المعطيات الاتية:
- ان (ا ل ح ز ب) لم يستخدم بعد الا 5 في المئة فقط من قوته العسكرية من العناصر وانواع الاسلحة.
- استطراداً، ما انفك (ا ل ح ز ب) ملتزماً بموجبات قواعد الردع التي فرضها على الاسرائيليين، والتي يحاولون التفلت منها، لكن ليس بمقدورهم ان يلغوها.
- يمضي (ا ل ح ز ب) في تهديداته وتحذيراته الى الابعد من ذلكـ عندما يقول على لسان رئيس كتلة نوابه محمد رعد انه “اذا اراد العدو التفلت من قواعد الردع المعروفة فانه سيقع في مصيبة كبرى، ونحن نأمل ان يخطىء الاسرائيلي ويتورط في ارتكابها”.
- يختصر (ا ل ح ز ب) على لسان رعد المعادلة الحالية والمستقبلية الذي تقول: “نحن جاهزون لملاقاة العدو اذا اخطأ في حساباته وشاء ان يخرج عن قواعد الردع التي فرضناها عليه”.
ويعود (ا ل ح ز ب) الى أصل خطابه الابتدائي، فيؤكد على لسان رعد: “نحن لا نتمنى الحرب ولا نسعى اليها، لكن نحن على اهبة الاستعداد لمواجهتها”.
ولكي يعزز هذه الفرضية، يضيف رعد: “نحن نتريث ونصبر تجنيباً لبلدنا واهلنا مغبة حرب مفتوحة ستكون فيها دماء وستكون فيها خسائر، لكن الخاسر الاستراتيجي فيها سيكون العدو الصهيوني”.
وعليه، ومع بداية الشهر السادس للمواجهات الدائرة على الحدود الجنوبية، يكشف (ا ل ح ز ب) عن كل اوراقه ويضع امام الجميع تصوراته المستقبلية التي تقوم على معادلة قوامها: لقد أدينا ما هو متوجب علينا في اطار إنفاذ شعار وحدة الساحات، من خلال معادلة ردع تبدو ثابتة وراسخة الى حد بعيد رغم ان العدو يحاول التفلت منها في بعض المحطات، لكنه في خاتمة المطاف يعود الى الانضباط تحت سقفها على الرغم من أن تهديداته المتكررة توحي بأنه في وارد المضي الى الحرب المفتوحة.
ولدى (ا ل ح ز ب) في هذا السياق، مرافعة دفاع وتبرير تمثلت في ما قاله النائب رعد اخيراً بأننا نعمل وفق حسابات دقيقة، لأن المصلحة الكبرى هي التي ننشدها من خلال ادائنا ونهجنا في المقاومة حتى الآن.
وبناء عليه، ثمة من يرى بأن (ا ل ح ز ب) يوجه “رسائل تطمين” في كل الاتجاهات، فهو يقول لقاعدته الجماهيرية العريضة انها الحدود القصوى التي يمكن له بلوغها، وتالياً لا تنتظروا منا اكثر ذلك لأن هذه هي حدود المقبول والمعقول المتاحة لنا بناء على المعادلات الاقليمية الراسخة حالياً.
والى شركاء (ا ل ح ز ب) في المحور، وخصوصاً الفلسطينيين، تقول الرسالة ايضاً أن ذلك هو حدود الممكن في الوقت الحاضر، فلا تنتظروا منا اكثر وتالياً لا تتهموننا بالتقصير او بالحنث بالوعد لأننا لم نعطِ أصلاً اي تعهد.
والى الداخل اللبناني بشقيه الكاره لحرب “المساندة” التي يخوضها (ا ل ح ز ب) على طول الحدود الجنوبية، والمتحمّس لخوض غمارها، تنطوي الرسالة اياها على تطمينات، جوهرها ما ورد على لسان رعد نفسه عندما قال في اطلالته الأخيرة: “اننا نعمل وفق حسابات دقيقة وواعية لكل التفاصيل والنتائج المحتملة”.
والمفارقة ايضاً، أن ثمة من يرى في طوايا هذه الرسالة اموراً موجهة الى الاعداء والخصوم، فحواها اننا مستعدون للالتزام بالضوابط الاربعة في مواجهاتنا اليومية مع العدو الاسرائيلي، وهي الطول، والعمق المحسوب بالامتار، والاهداف العسكرية المنتقاة، ونوعية السلاح المستخدم.
والمعلوم في السياق عينه، ان سيد (ا ل ح ز ب) السيد حسن نصرالله لوّح باللجوء الى معادلة “الدم بالدم”، وذلك يوم استهدفت الطائرات الحربية الاسرائيلية عمارة في قلب النبطية، فذهب ضحيتها يومها سبعة مدنيين بينهم استاذة جامعية، لكن الامر ظل في حدود التهديد، لأن (ا ل ح ز ب) استنكف العمل بهذه المعادلة تحاشياً للانزلاق الى ما هو ابعد من حدود المواجهات الحالية، وما تنطوي عليه من قواعد وضوابط.
وثمة من ينقل عن لسان احد نواب (ا ل ح ز ب)، انه في معادلة كهذه، فان قرار (ا ل ح ز ب) أنه لن يعمل بها في الظروف الحاضرة.
واذا كان الأمر مرتبطاً بتصورات (ا ل ح ز ب) للوضع الميداني، فانه يحمل ايضاً رسالة تؤكد أنه منضبط وملتزم وغير خائف. فخلال الـ 24 ساعة التي فصلت بين الهجوم المباغت لحركة “حماس” على غلاف غزة إيذاناً ببدء عملية “طوفان الاقصى”، وبين اتخاذه قراراً بفتح باب المواجهات على الحدود الجنوبية مع الاسرائيلي إنطلاقاً من مزارع شبعا أي البقعة الجغرافية المحدودة المتنازع عليها، كان قد توصل بناء على قراءة معمّقة واستراتيجية الى قراره الاخير بناء على العناصر الاتية: - ان ما بدا في غزة ليس هو أن الحرب الكبرى الاخيرة الموعودة مع الكيان الصهيوني والتي توجب الانخراط الكامل فيها واستخدام كل القدرات والامكانات المذخورة ليست ليوم كهذا، بل هي عبارة عن تجربة عسكرية تضاف الى سلسلة التجارب الست السابقة التي خاضتها الفصائل الفلسطينية في غزة منذ تحريرها في عام 2005 والى الامس القريب، اضافة بطبيعة الحال الى تجربة حرب صيف عام 2006.
- عليه، ان الواجب يقتضي بترجمة عملانية لشعار وحدة الساحات والذي كان السيد نصرالله هو اول الرافعين للوائه، رامياً قفاز التحدي في وجه الخصوم، وذلك ضمن شروط ميدانية محدودة وغير متهورة أو بناء على مغامرة تحسب حساب “خط الرجعة”.
وهنا ثمة من يتحدث عن “لعبة ذكية” مارسها (ا ل ح ز ب) مع الوسطاء الذين أتوا اليه من الجانب الاميركي. فهو ابلغ اليهم، انه وبعد وقف العدوان على غزة، منفتح على النظر بكل العروض، وانه الى ذلك الوقت ملتزم بقواعد اشتباك معروفة على الحدود الجنوبية. وهو بذلك، وكأنه يتجاوب مع الدعوات الاميركية المتكررة الى ضبط النزاع والصراع والحؤول دون توسيعه لكي لا يصير حرباً اقليمية.
ومن كل تلك الوقائع، ثمة من يرى بأن الموفد الاميركي الخاص آموس هوكشتاين أتى في زيارته الأخيرة لتحقيق مهمة مثلثة الاضلاع: - تطمين من يعنيهم الامر بأن لبنان لا يزال تحت رعاية واشنطن الحريصة على سلمه وأمنه حالياً، وعلى مستقبله السياسي لاحقاً، لذا لن يقع في قبضة (ا ل ح ز ب) او ايران.
- ان هوكشتاين ومن خلال ما تسرّب اخيراً بدا اكثر تفهماً للواقع على الحدود، لذا تحدث بصراحة عن تسوية للبنان “تكون اكثر شمولية وقابلة للحياة”، وهو ما وجد فيه البعض انه خروج على مألوف التعاطي الاميركي السابق.
- ثمة من وجد بأن هوكشتاين بدا هذه المرة اقل حدة في الكلام عن “حزب الله”، في حين ثمة من تحدث عن أن (ا ل ح ز ب) صار ينظر بايجابية وانفتاح الى “الحل الدائم”.
وفي كل الاحوال، بدا (ا ل ح ز ب) في موقع الباعث بإشارات الى من يعنيهم الأمر، فحواها انه لن يقف حجر عثرة في وجه أي تسوية تعيد الأمور الى ما كانت عليه قبل 8 تشرين الاول، وانه لا يمانع ضمناً في إحداث تعديلات.