كتب باسل عيد: إنشغلت الأوساط البيروتية، الجمعة، بنبأ تقديم رئيس مجلس بلدية بيروت جمال عيتاني استقالته الى وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام المولوي، موضحاّ أن سبب تلك الاستقالة يعود الى “ظروف صحية خاصة، وشعوره بعدم إمكانية الاستمرار في القيام بالمهام بالطاقة نفسها”، مشيراّ في الوقت نفسه الى اتجاه لانتخاب رئيس بلدية جديد لبيروت الأسبوع المقبل.
وكان عيتاني طلب في لقاء مع وزير الداخلية بسام مولوي منذ أشهر عدة، “إعفاءه من منصبه لأسباب خاصة، متمنياً الموافقة على طلبه ذلك بأسرع وقت ممكن”.
غير ان اوساط عيتاني كشفت حينها لوسائل اعلامية، ان أحد ابرز أسباب الاستقالة هو “إستياء عيتاني من عدم امكانية الاستمرار بالعمل، نتيجة حجز اموال البلدية التي كانت تقدر بحوالى 600 مليون دولار والتي لا تساوي حاليا اكثر من 30 مليونا”.
عيتاني، الذي بدأ حياته المهنية كمهندس استشاري في المملكة العربية السعودية وانتقل بعدها إلى دبي، حيث عمل في مجال تطوير الأعمال والتجارة مع شركات عربية وأجنبية على نطاق الشرق الأوسط وأوروبا، إختاره الرئيس الشهيد رفيق الحريري ليترأس مجلس الإنماء و الإعمار. وبعد إغتيال الحريري، انتقل إلى عمان وقام بتنفيذ الوسط الجديد لمدينة عمان مشروع العبدلي وإدارته لمدة أربع سنوات، ومن ثم انتقل بعدها إلى المملكة العربية السعودية ليعمل في إدارة أكبر شركات المقاولات هناك ليعود إلى لبنان كمدير شركة سوليدير، ليتولى بعد ذلك رئاسة بلدية بيروت منذ ايار 2016 حتى اليوم.
ومع شغور منصب رئيس بلدية العاصمة، أكدت مصادر بيروتية لموقع “أخباركم أخبارنا”، أن المجلس البلدي لبيروت اتفق على عقد اجتماع الأسبوع المقبل، وسيتم خلاله انتخاب عضو المجلس عبد الله درويش رئيساً لمجلس بلدية بيروت خلفاً لرئيس لعيتاني. ودرويش، هو مقرب سابق من “تيار المستقبل” ومنتم حالياً الى تيار “كلنا لبيروت” الذي أطلقه منذ أشهر الوزير السابق محمد شقير.
فتحة
لاستيضاح الأمر، أجرى موقعنا اتصالاً بعضو المجلس البلدي لمدينة بيروت سعيد فتحة، فأكد انه تفاجأ باستقالة عيتاني، مشيراً الى انه قبل اسبوعين كان مجتمعا به “بهدف وضع البرامج المستقبلية من أجل تنشيط العمل البلدي في العاصمة”. واضاف بأن عضو المجلس البلدي عبد الله درويش، ابلغه منذ يومين نيّة عيتاني بالاستقالة لأسباب صحية، مؤكداً أن الرجل “يعاني بالفعل من أمور صحية حساسة وبأنه يحتاج للعلاج”.
وكشف فتحة انه خلال لقائه الاخير بعيتاني، كان رئيس بلدية بيروت أجرى في ذلك اليوم “صورة ملونة” في المستشفى وكان التعب يسيطر عليه، رافضاً بشكل قاطع كل ما يطرح من أقاويل وشائعات عن علاقة تلك الاستقالة بأمور مالية أو قضايا فساد.
وعن الخطوة المقبلة بعد الاستقالة، خصوصاً لجهة انتخاب رئيس جديد لمجلس البلدية خلفاً لعيتاني قال: “جرى حديث مع وزير الداخلية ومع محافظ بيروت في هذا الشأن، كما حصل نقاش بيني وبين عبد الله درويش الذي طرح علي الترشح، فاعتذرت بسبب ضغط أعمالي وعدم قدرتي على متابعة الشأن البلدي لبيروت، خصوصاً وان من سيتسلم الرئاسة، كمن يتسلم كرة نار بيديه، لا سيما في ظل الوضع الراهن للمجلس البلدي وللبلدية ككل”.
وتابع: “اقترحت على درويش ان يترشح هو لرئاسة البلدية، ويبدو ان هناك توجها من قبل المجلس البلدي لانتخابه”، مرجحاً ان تنعقد جلسة الانتخاب الخميس المقبل في وزارة الداخلية.
وعن الصعوبات التي تواجه بلدية بيروت في ظل الأزمة الراهنة ونسب الجباية، أشار فتحة الى انه “كان لدى البلدية في مصرف لبنان حوالى 960 مليار ليرة او ما يعادل حينها 620 مليون دولار. لكن بعد الانهيار الاقتصادي انهارت مالية البلدية ولم يعد باستطاعتها ان تكمل مشاريعها التي كان الكثير منها قد تم تلزيمه وتم البدء بها، من ضمنها ملف النفايات الذي حول لاحقا الى مجلس الوزراء”.
وكشف أن “لا جباية من قبل البلدية حاليا، لانها لا تزال وفق الاسعار القديمة التي لا تساوي شيئا”. لكنه في المقابل، اوضح انه في قانون الموازنة الجديد “سيتم مضاعفة الرسوم البلدية”، آملاّ “تحقيق بعض التوازن ما بين المداخيل والمصاريف التشغيلية وليس التطويرية، كموضوع النفايات وتسكير الحفر وتشحيل الاشجار ورش المبيدات ودفع الرواتب”.
وعن تأثر فقراء بيروت بوضع بلديتها، لجهة عدم حصولهم على المساعدات منها، لفت فتحة الى ان هذا الموضوع بدأ منذ سنوات عندما صدر قانون الموازنة، الذي تضمن منع البلديات والمؤسسات العامة من اعطاء المساعدات للجمعيات والافراد.
وختم معتبراً بأن المرحلة المقبلة في بلدية بيروت “صعبة جداً”، أعان الله من سيتحمل مسؤوليتها”.
الجدير ذكره بأن عددا من الشبهات وصفقات الفساد تحوم حول جمال عيتاني وعدد كبير من أعضاء المجلس البلدي، إضافة الى محافظ بيروت السابق زياد شبيب، منها، وبحسب ديوان المحاسبة، هدر نحو 7 ملايين دولار من أصل 9 ملايين دولار أنفقت لتأهيل جسر سليم سلام.
الى جانب ما حكي عن صفقات اخرى، ومنها عقد شركة رفع النفايات من بيروت وحديقة المفتي حسن خالد في عائشة بكار ومجرور الرملة البيضاء وغيرها من الملفات.