كتب ابراهيم بيرم لأخباركم – أخبارنا: تلقى “حزب الله” ضربتين مؤلمتين من جانب اسرائيل، خسر بفعلهما اكثر من 15 قيادياً محترفاً في أقل من 24 ساعة.
كانت الضربة الاولى في بلدة حوش السيّد في اقصى البقاع الشمالي، على الحدود بين لبنان وسوريا، فيما اتت الضربة الثانية في بلدة جويا القريبة من صور.
وانطوى الحدث من ناحية المقدمات والنتائج على أبعاد لا يمكن ان تحسب للحزب في مسار الصراع المحتدم بينه وبين الاسرائيلي.
من المعلوم ان الغارة على النقطة البقاعية القصية لم تكن الاولى من نوعها، إذ أن محيط هذا الهدف تعرض مرتين لهجمات من هذا النوع، لكن الجديد – الثقيل يتأتى من أمرين:
الاول، ان (ا ل ح ز ب) خسر فيها نحو 6 كوادر (ثلاثة لبنانيين) نعاهم (ا ل ح ز ب) ومثلهم من السوريين الذين يمارسون نشاطات قتالية مع (ا ل ح ز ب) منذ فترة طويلة.
الثاني، أن المستهدف عملياً هو ممر حيوي للحزب شكل على الدوام شرياناً أساسياً يصل البقاع الشمالي والهرمل بالاراضي السورية وتحديداً بمنطقة سهل القصير الواقعة في محافظة حمص. والمعلوم ان (ا ل ح ز ب) يبسط نفوذه على هاتين المنطقتين منذ اكثر من عقد من السنين، وهما يخضعان لقوة 4400 اللوجستية التابعة له.
ووفق معلومات، فان الضربة التي استهدفت هذا الهدف، كانت اقسى من سابقاتها وحصدت نتائج اكبر. إذ أن كل العناصر التي كانت موجودة في المنشأة قد سقطوا بغالبيتهم قتلى اضافة الى جرحى، وقد سويت المنشأة بالأرض تماماً، فيما بقيت فرق الانقاذ والاسعاف نحو ساعتين الى أن نجحت في لمّ الاشلاء واحصاء الضحايا.
اما الضربة الثانية، والتي جاءت بعد اقل من 24 ساعة عن الأولى، فهي كانت عبارة عن إغارة ليلية استهدفت مبنى في وسط بلدة جويا بالقرب من صور. وحسب المعلومات الاوّلية، إن المكان المستهدف كان يحتوي على غرفة عمليات مصغّرة للحزب، وكان يجتمع فيها ساعة حدوث الإغارة عدد من القادة الميدانيين المخضرمين في (ا ل ح ز ب).
لذا عدت الضربة موجعة للحزب، وبمثابة عملية أمنية بامتياز توازي في نتائجها عملية بيت ياحون التي جرت قبل اشهر، والتي سقط فيها نحو 7 قيادات بينهم عباس نجل النائب محمد رعد.
وابرز القادة الذين سقطوا في غارة جويا كان علي سليم صوفان (مواليد 1971) وقد نعاه (ا ل ح ز ب) دفعة واحدة مع ثلاثة قادة آخرين وهم القائد طالب سامي عبدالله من بلدة عدشيت (النبطية)، وقد وصفه الاعلام العبري بأنه ارفع قيادي عسكري في (ا ل ح ز ب) يسقط منذ بدء المواجهات الحدودية كونه يتولى قيادة وحدة “النصر” وانه من الاباء المؤسسين في الهيكل العسكري للحزب ومن مرافقي مغنية وسليماني، حتى ان في (ا ل ح ز ب) من تحدث عن دور قتالي له في احداث البوسنة الى جانب البوسنيين. اما الآخران اللذان نعاهم (ا ل ح ز ب)، فهما محمد حسين صبرا من حداثا وحسين قاسم حميد من بنت جبيل.
وفي المحصلة، استفاقت قاعدة (ا ل ح ز ب) المستغرقة في اجواء المعركة، صبيحة اليوم التالي (أمس) مثقلة بشعور المرارة والفجيعة، ليس من جراء فقدان هذا العدد المرتفع من النخبة المقاتلة، فهو أمر تحقق سابقاً، ولكن لأن محور المقاومة مارس قبيل ذلك تعبئة إعلامية مبنية على قناعة فحواها ان (ا ل ح ز ب) على وشك أن يقيم توازن رعب ومعادلة ردع جديدة مع الاسرائيلي من شأنها أن تخفض منسوب التفوّق الجوي الاسرائيلي الذي الحق بـ (ا ل ح ز ب) وبيئته خسائر فادحة، الى جانب أن قيادة (ا ل ح ز ب) قد نجحت في استيعاب نمط التكتيكات الهجومية التي استخدمها الاسرائيلي طوال الاشهر الماضية، ان لجهة القدرة على إنزال اصابات بالاسرائيلي المتحصن جيداً أو لناحية خفض منسوب الخسائر في صفوف (ا ل ح ز ب) لا سيما تلك الناجمة عن عمليات الاغتيال والتصفية بواسطة المسيّرات.
وبناء على كل هذه الوقائع، يتبنى خبراء استراتيجيون على صلة بـ (ا ل ح ز ب) نظرية مفادها ان اسرائيل كان يتعيّن عليها في الآونة الاخيرة أن تتبنى واحداً من ثلاثة خيارات ميدانية وتنطلق بها:
- البقاء اسيرة المعادلة العسكرية الحالية المستمرة على نحو ثابت منذ ثمانية اشهر، وهو واقع بات موجعاً للاسرائيلي بأشكال شتى.
- تنفيذ عملية برية واسعة تجاه لبنان ترقى الى مرتبة الحرب المفتوحة، وهو أمر دونه اهوال وعقبات وتعقيدات لا يمكن للاسرائيلي تجاهلها.
- رفع وتيرة الهجمات والعمليات لتكون في مرتبة وسطى بين الهجوم الواسع المفضي الى حرب أو البقاء تحت تأثير قواعد الاشتباك الحالية.
يبدو واضحاً أن اسرائيل اختارت النمط الثاني، وهو التصعيد الى الحد الاقصى. وكل ذلك يعني انها بدأت لتوها مرحلة جديدة من التصعيد الموجع للاعداء، وكانت البداية في هجوم مخيم النصيرات في غزة، والذي اتصف بأعلى درجات التوحش والهمجية.
وهذا ما سيفرض على (ا ل ح ز ب) تحديات ميدانية جديدة تثبت ان زمام الامور لم يفلت من يده بعد.
وحسب معلومات (ا ل ح ز ب)، فإن الرد كان سريعاً وواسعاً، إذ سقط فوق الجليل الاعلى منذ ساعات الصباح الأول اكبر عدد من صليات الصواريخ.