كتبت ناديا شريم: على مسافة ما يقارب الأيام العشرة على عودة جان ايف لو دريان إلى لبنان، اختلطت الأوراق في بيروت في شأن المواقف التي ستتخذها الأطراف من طرح الموفد الفرنسي. وما زاد الأمور تعقيداً دعوة الرئيس بري للحوار الذي رفضته بعض القوى المسيحية، مما طرح أكثر من سؤال عن النتائج العملية من تحرك لو دريان في لحظة محلية واقليمية شديدة الحساسية.
عن هذا الموضوع ومواضيع أخرى، يقول عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب أنطوان حبشي لموقعنا (اخباركم – أخبارنا)، من الواضح أن “كتلة المعارضة النيابية” التي ولدت في البرلمان تشكل نواة قاسية وهي تتوسع بحسب المواضيع التي تطرح، منها المسألة السيادية والانتخابات الرئاسية. مما لا شك فيه أن هناك وضعًا سياسيًا شاذًا والوسيلة الوحيدة لإصلاحه هي الاعتماد على مبدأ الديموقراطية، وهذا بدأ بالانتخابات النيابية عندما اعطتنا الناس ثقتها، ونحن اليوم نتحرك ونناضل بحسب هذه الوكالة كي نصل الى النتائج الديموقراطية المطلوبة.
واضاف حبشي، بأن هذه الكتلة وصلت إلى ستين نائبًا مع ترشح الوزير السابق جهاد ازعور، والموضوع معقد ويحكمه الشخص والظرف، لكن على الرغم من كل ذلك تبقى الديموقراطية الطريقة الأمثل لإستعادة لبنان.
ويكمل: ان السلاح والعنف اللذين يستعملان بوجهنا اليوم من قبل الفريق الآخر، هم آخر وسيلة معتمدة للضغط علينا. لذلك هناك حلان لا ثالث لهما، إما الرجوع إلى دائرة العنف وهذا ما نرفضه بشدّة، وإما تجميد التدهور الذي نعيشه عبر العمل السياسي الذي لا يمكن للمواطن الاستخفاف به. وهنا، يجب أن ننظر كيف كان الوضع العام قبل العام 2022 وكيف تغير بعده، حيث كانوا يحققون كل ما يخططون له مع وجود اللاتوازن الذي كان يترجم بالسياسة. اما اليوم فقد فرضنا نوعًا من التوازن وإن لم يكن كافيًا، ولكنه منعهم من إكمال ما بدأوه، بدءًا بإنتخاب رئيس الجمهورية الذي يريدونه مرورًا بالجلسات التشريعية المفتوحة التي تصبح سهلة بغياب رئيس الجمهورية، وصولًا إلى التجديد لبعض المدراء العامين. وبالتالي على المواطن اللبناني أن يراقب ويرى التطور الإيجابي الذي حصل بواسطة القوى السيادية، التي لا تريد أن تتدخل في حروب المنطقة، ولا أن تدار الدولة عبر الفساد وعدم الشفافية، وهذا كله تم من خلال العمل السياسي الذي لا يزال يحتاج الى نضال مستمر لإجتياز هذا المسار الطويل.
وعن موضوع التنسيق مع بكركي، قال حبشي: “ان بكركي موجودة دائماً في هذا الاتجاه السيادي العام، لكنها لا تتدخل في التفاصيل الصغيرة وهذا ما يميزها. ولقد تحدثت بكركي عن الحياد وعن استعادة سيادة الدولة وعودة قرار الحرب والسلم لها، وحصر السلاح بيد القوى العسكرية الشرعية التي لها وحدها الحق بحماية لبنان وحدوده. إذًا، إن ما نقوم به من عمل سياسي هو ترجمة لما يطرحه سيد بكركي، وأقصى امنياته اليوم هو انتخاب رئيس للجمهورية وعودة المؤسسات إلى عملها الطبيعي وهذا ما سنستمر في العمل عليه لتحقيقه.
أما عن عودة لو دريان وتصرف المعارضة، فأكد حبشي: “ان المعارضة هي في صدد القيام بنقاش للقضايا التي سيطرحها. أما بالنسبة الى القوات فقد استفزتها الرسائل التي بعث بها لو دريان للنواب للإجابة عنها، فهذا الموضوع غير مقبول نهائيًا، لأننا كطرف سياسي نرفض اللاسيادة في كل المواقع ومن أي طرف اتى. انا اعرف أنه ليس لدى الفرنسيين النية بذلك ويمكن ان يكونوا تسرعوا نتيجة للتجارب السابقة التي لم تعط أي نتيجة لها بسبب تفريغ المبادرات من مضمونها، لكن للأسف فإن الفريق الذي يعتمد عليه الفرنسيون ويريدون إعطاءه ما يريد، هو من يفرّغ هذه المبادرات. وسأل حبشي، هل يعقل أن يأتي الرئيس الفرنسي إلى بيروت بعد انفجار المرفأ ويقدم الوعود بتحقيق شفاف ويبقى التحقيق متوقفاً حتى الآن؟ لقد شارك ممثلون من (ا ل ح ز ب ) في الحوار الذي جرى في قصر الصنوبر والتزموا الورقة التي قدمها الفرنسيون، لكنهم تنكروا لهذا الالتزام لاحقًا، لم يلتزموا بها لاحقاً بل كانوا يخالفونه عند كل مناسبة. إلى ذلك، فقد أكدت المبادرة ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية الذي دعمه (ا ل ح ز ب) وكان البعض متأكدًا من وصوله في 14 حزيران بعد حصوله على 65 صوتاً، لكن رغم الترهيب والترغيب فقد رأينا الفرق والصوت الضائع (غير الضائع). وهنا، كنا نتمنى على الرئيس نبيه بري أن يحفظ اقله على الشكل في مجلس النواب، وان لا يقول أن الصوت الواحد لا يقدم ولا يؤخر، خصوصاً أنه هو شخصيًا فاز برئاسة المجلس بفارق بصوتٍ واحدٍ، وكنا نتمنى عليه أن يعيد الفرز كي لا يظهر أن المجلس النيابي يشهد ألاعيب غير قانونية.
إذًا موقفنا كقوات لبنانية واضح بالنسبة الى المبادرة الفرنسية، ولن يكون هناك حوار خارج المؤسسات الشرعية، اي مجلس النواب، فالكل يتذكر كيف طار الحوار الوطني الذي وعد خلاله سماحة السيد حسن نصرالله اللبنانيين بصيف هادئ في العام 2006 وبعده تم خطف الجنديين. وبالتالي، فإن كل حوار خارج المجلس النيابي أو داخله لا معنى له إلا عبر فتح دورات متتالية لإنتخاب رئيس للجمهورية لتشكل في حد ذاتها حوارًا حقيقيًا. وعلى الفرنسيين ألا يضيّعوا هذه المسألة لسببين، الأول تجربتهم للإنتخابات الرئاسية في العام 1953 انتهت ولاية الرئيس الفرنسي فانسان اوريول، ولم يتفقوا على رئيس جديد ففتحوا دورات متتالية امتدت من 17 الى 23 كانون الأول وجرت خلالها 13 دورة وانتخبوا بعدها رينيه كوتي. وبالأمس القريب عقدت في الكونغرس الأميركي خمس جلسات متتالية لانتخاب رئيسه، فإذا لم يحصل ذلك، فما هو هدف الديموقراطية التي يجب ان تطبق عندما يغيب التوافق. أما التجربة الفرنسية الثانية فقد حصلت في العام 1944 عندما كان موريس توريس محكومًا بالإعدام في فرنسا. في ذلك العام بدأت المفاوضات بين الجنرال ديغول والسوفيات، وبعد انتهاء الحرب منح الرئيس ديغول الى توريس عفوًا خاصًا مقابل أن تسلم الجمعيات التابعة له سلاحها، لأنه عرف أن بناء الدولة يقتضي حصر السلاح بيد الدولة. على الرغم من ذلك يقول الفرنسيون أن نواب ( ح ز ب ا ل ل ه) انتخبهم الشعب على الرغم وجود السلاح غير الشرعي. لذلك لا يمكننا التعاطي مع هذه المسألة بخفة، لأن لبنان اليوم هو دولة فاقدة السيادة مع وجود مجموعة مسلحة فيها تتخذ عنها كل القرارات (قرار السلم والحرب ، قرار ترسيم الحدود البحرية، والآن قرار ترسيم الحدود البرية…) ويتحجّجون بالعدو الصهيوني وهم أكثر الناس الذين يتعاطون معه بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر ويؤمنون له أمنه. وعندما يصبح استخراج النفط واقعاً سيتكلمون معه لانهم لا يستطيعون التكلم مع الدولة اللبنانية، وهم اتفقوا مع بعضهم البعض لتأمين الأمن الذي سيسمح بإستخراج النفط، وبالتالي فإن القرار الدولي رقم 1701 مرفوض من ( ح ز ب ا ل ل ه) على أرض الواقع، وهناك أكثر من 15 إلى 17 موقعًا مسلحًا له داخل المنطقة التابعة لهذا القرار.
وعن مهمة لو دريان، تمنى حبشي أن تنجح “لكن اذا كانت فرنسا تريد حلاً عليها ان تطرح عدم تعطيل دور المجلس النيابي وتصر على فتح دورات متتالية إلى حين انتخاب رئيس تمامًا كما حصل عندهم في العام 1953، وفي حال فشل لو دريان علينا أن نتحمل مسؤوليتنا كنواب خصوصاً أولئك الذين عطلوا النصاب. فعندما نعترف أن المشكلة عندنا وعلينا التمسك بتقرير مصيرنا يبدأ الحل، فلا أحد يستطيع ان يفرض علينا ما يريد بدليل فشلهم في فرض معدلة فرنجية – سلام، لذلك على الجميع أن يعملوا لمصلحة لبنان..